للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هؤلاء بهؤلاء ولا هؤلاء بهؤلاء، حتى التقى السقاة وشهد الناس بعضهم إلى بعض.

وَلكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا أي ولكن جمع بينكم على هذه الحال على غير ميعاد، ليقضي ما أراد من إعزاز الإسلام وأهله، وإذلال الشرك وأهله، من غير ملأ منكم. وقوله كانَ مَفْعُولًا أي حقيقا بأن يفعل. وقيل: كانَ بمعنى (صار) أي صار مفعولا، بعد أن لم يكن. وقيل: إنه عبر به عنه لتحققه حتى كأنه مضى. وقوله تعالى: لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ أي إنما جمعكم مع عدوّكم في مكان واحد على غير ميعاد، لينصركم عليهم، ويرفع حجة الحق على الباطل، ليصير الأمر ظاهرا، والحجة قاطعة، والبراهين ساطعة،، ولا يبقى لأحد حجة ولا شبهة، فحينئذ يهلك من هلك، أي يستمر في الكفر من استمر فيه على بصيرة من أمره، أنه مبطل لقيام الحجة عليه. ويؤمن من آمن عن حجة وبصيرة ويقين، بأنه دين الحق، الذي يجب الدخول فيه، والتمسك به. وذلك أن ما كان من وقعة (بدر) ، من الآيات الغرّ المحجّلة، التي من كفر بعدها، كان مكابرا لنفسه، مغالطا لها.

[لطائف:]

الأولى- قوله تعالى لِيَهْلِكَ بدل من لِيَقْضِيَ أو متعلق ب مَفْعُولًا.

الثانية- الحياة والهلاك استعارة للكفر والإسلام، وقرئ لِيَهْلِكَ بفتح اللام.

الثالثة- حَيَّ يقرأ بتشديد الياء، وهو الأصل، لأن الحرفين متماثلان متحركان، فهو مثل شدّ ومدّ. ومنه قول عبيدة بن الأبرص:

عيّوا بأمرهم كما ... عيّت ببيضتها الحمامه

ويقرأ بالإظهار وفيه وجهان:

أحدهما- أن الماضي حمل على المستقبل، وهو (يحيا) فكما لم يدغم في المستقبل، لم يدغم في الماضي، وليس كذلك شدّ ومدّ، فإنه يدغم فيهما جميعا.

والوجه الثاني: أن حركة الحرفين مختلفة، فالأولى مكسورة، والثانية مفتوحة، واختلاف الحركتين، كاختلاف الحرفين، ولذلك أجازوا في الاختيار: لححت عليه، وضبب البلد، إذا كثر ضبة، ويقوي ذلك أن الحركة الثانية عارضة، فكأن الياء الثانية ساكنة، ولو سكنت لم يلزم الإدغام، وكذلك إذا كانت في تقدير الساكن، والياءان أصل، وليست الثانية بدلا من (واو) ، فأما الحيوان، ف (الواو) فيه بدل من الياء. وأما

<<  <  ج: ص:  >  >>