فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ أي هامدين موتى لا يتحركون. ولا يخفى ما فيه من الدلالة على شدة الأخذ وسرعته.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة هود (١١) : آية ٦٨]]
كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيها أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلا بُعْداً لِثَمُودَ (٦٨)
كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا أي كأنهم لم يقيموا فِيها أي في مساكنهم أَلا إِنَّ ثَمُودَ كَفَرُوا رَبَّهُمْ أي فأهلكهم. أَلا بُعْداً لِثَمُودَ أي هلاكا ولعنة، لبعدهم عن صراطه.
وقد قدمنا الكلام على تفصيل نبئهم في الأعراف: بما يغني عن إعادته هنا، فليراجع.
ثم أشار تعالى إلى نبأ لوط وهلاك قومه، وهو النبأ الرابع من أنباء هذه السورة بقوله سبحانه:
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة هود (١١) : آية ٦٩]]
وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ (٦٩)
وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا أي الملائكة الذين أرسلناهم لإهلاك قوم لوط إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى أي بولد وولده. ثم بين أنهم قدّموا على التبشير ما يفيد سرورا، ليكون التبشير سرورا فوق سرور، بقوله تعالى: قالُوا سَلاماً أي سلمنا عليك سلاما.
قالَ سَلامٌ أي عليكم سلام، أو سلام عليكم. رفعه، إجابة بأحسن من تحيتهم، لأن الرفع أدل على الثبوت من النصب.
ثم أشار إلى إحسان ضيافتهم بقوله: فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ أي مشويّ، أو سمين يقطر ودكه، لقوله: بِعِجْلٍ سَمِينٍ [الذاريات: ٢٦] .
في (ما) ثلاثة أوجه: أظهرها أنها نافية، وفاعل (لبث) إما ضمير (إبراهيم) ، وأَنْ جاءَ مقدر بحرف جر متعلق به، أي: ما أبطأ في، أو بأن أو عن (أن جاء) ، وإما (أن جاء) أي فما أبطأ، ولا تأخر مجيئه بعجل. وثاني الأوجه أنها مصدرية، وثالثها أنها بمعنى (الذي) . وهي فيهما مبتدأ، و (أن جاء) . خبره على حذف مضاف.
أي: فلبثته، أو الذي لبثه قدر مجيئه.