للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بطلقتين أو ثلاثا، فعلا. وهو رواية عن مالك. وقال الحسن البصري: الحكمان يحكمان في الجمع لا في التفرقة. وكذا قال قتادة وزيد بن أسلم. وبه قال أحمد بن حنبل وأبو ثور وداود. ومأخذهم قوله تعالى إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُما ولم يذكر التفريق. وأما إذا كانا وكيلين من جهة الزوجين فإنه ينفذ حكمهما في الجمع والتفرقة بلا خلاف. انتهى. وفي (الإكليل) : أخرج ابن منصور أن المأمور بالبعث الحكام. وعن السدّيّ: إنه الزوجان. فعلى الأول استدل به من قال: إنهما مولّيان من الحاكم. فلا يشترط رضا الزوجين عما يفعلانه من طلاق وغيره. وعلى الثاني استدل من قال: إنّهما وكيلان من الزوجين. فيشترط.

وقال ابن كثير: الجمهور على الأول. أعني أنهما منصوبان من جهة الحاكم.

لقوله تعالى. فَابْعَثُوا حَكَماً إلخ، فسماهما حكمين: ومن شأن الحكم أن يحكم بغير رضا المحكوم عليه. وهذا ظاهر الآية.

وذهب الشافعيّ وأبو حنيفة إلى الثاني.

لقول عليّ رضي الله عنه للزوج، (حين قال: أما الفرقة فلا) - فقال: كذبت. حتى تقر بما أقرّت به.

قالوا: فلو كانا حكمين لما افتقر إلى إقرار الزوج. والله أعلم.

وفي الآية تنبيه على أن من أصلح نيته فيما يتوخاه، وفقه الله تعالى لمبتغاه.

[تنبيه:]

قال الحاكم: في الآية دلالة على أن كل من خاف فرقة وفتنة جاز له بعث الحكمين. وقد استدل بها أمير المؤمنين على الخوارج فيما فعل من التحكيم. قال مشايخ المعتزلة: لأن المصاحف لما رفعت، فظهرت الفرقة في عسكره، وخاف على نفسه، جازت المحاكمة، بل وجبت. ولهذا صالح صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية. وعلى هذا يحمل صلح الحسن عليه السّلام.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (٤) : آية ٣٦]]

وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَبِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالاً فَخُوراً (٣٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>