ويعلم دخيلة أمرهم وَقالَ اللَّهُ أي: لهم. وفي الالتفات تربية المهابة وتأكيد ما يتضمنه الكلام من الوعد إِنِّي مَعَكُمْ أي: بالعلم والقدرة والنصرة لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي أي: الذين يجيئون إليكم وَعَزَّرْتُمُوهُمْ أي:
أعنتموهم ونصرتموهم بالسيف على الأعداء وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ أي بالإنفاق في سبيل الخير قَرْضاً حَسَناً بلا منّ ولا طلب ربح دنيوي، من رياء وسمعة لَأُكَفِّرَنَّ أي:
لأمحونّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ ذنوبكم وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا أي: تطّرد من تحت شجرها ومساكنها الْأَنْهارُ أنهار الماء واللبن والخمر والعسل فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ أي: بعد أخذ الميثاق والإقرار به مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ أي واضح السبيل، الموصل إلى كل مطلب عال.
فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ (الباء) سببيّة و (ما) مزيدة لتأكيد الكلام وتمكينه في النفس. أي: بسبب نقضهم ميثاقهم. أو نكرة. أي: بشيء عظيم صدر منهم من نقضهم ميثاقهم المؤكد، الموعود عليه النصر والمغفرة والأجر العظيم لَعَنَّاهُمْ أي أبعدناهم عن رحمتنا وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً بحيث لا تلين لرؤية الآيات والنذر، ولا تتعظ بموعظة، لغلظها وقساوتها لغضب الله عليهم، وبقيت تلك القساوة واللعنة في ذريتهم يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ أي: كلم الله في التوراة، بصرف ألفاظه أو معانيه عَنْ مَواضِعِهِ التي أنزلت.
قال ابن كثير: أي: فسدت فهومهم، وساء تصرّفهم في آيات الله، وتأولوا كتابه على غير ما أنزله، وحملوه على غير مراده، وقالوا عليه ما لم يقل. عياذا بالله من ذلك.
قال أبو السعود: والجملة استئناف لبيان مرتبة قساوة قلوبهم. فإنه لا مرتبة أعظم مما يصحح الاجتراء على تغيير كلام الله عز وجل، والافتراء عليه. وقيل: حال من مفعول (لعناهم) .
وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ أي: تركوا نصيبا وافرا مما أمروا به في التوراة، ترك الناسي للشيء لقلة مبالاته بحيث لم يكن لهم رجوع عليه. أو من اتّباع محمد صلى الله عليه وسلم وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ أي: خيانة. على أنها مصدر ك (لاغية وكاذبة) .