يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ ظرف ل لَتُنَبَّؤُنَّ أو ل خَبِيرٌ لما فيه من معنى الوعيد.
كأنه قيل: والله مجازيكم يوم يجمعكم، أو مفعول ل (اذكر) لِيَوْمِ الْجَمْعِ أي ليوم يجمع فيه الأولون والآخرون. أي لأجل ما فيه من الحساب والجزاء ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ قال الزمخشري: التغابن مستعار من تغابن القوم في التجارة، وهو أن يغبن بعضهم بعضا، لنزول السعداء منازل الأشقياء التي كانوا ينزلونها لو كانوا سعداء، ونزول الأشقياء منازل السعداء التي كانوا ينزلونها لو كانوا أشقياء، وفيه تهكم بالأشقياء لأن نزولهم ليس بغبن، انتهى.
ومما حسن إطلاق التغابن على ما ذكر، ورود البيع والاشتراء في حق الفريقين. فذكر تعالى في حق الكافرين أنهم اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة، واشتروا الضلالة بالهدى، وذكر أنهم ما ربحت تجارتهم، فكأنهم غبنوا أنفسهم. ودل المؤمنين على تجارة رابحة فقال هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ.. [الصف: ١٠] الآية. وذكر أنهم باعوا أنفسهم بالجنة. فخسرت صفقة الكفار، وربحت صفقة المؤمنين.
وقال القاشاني: أي ليس التغابن في الأمور الدنيوية، فإنها أمور فانية سريعة الزوال، ضرورية الفناء، لا يبقى شيء منها لأحد، فإن فات شيء من ذلك، أو أفاته أحد، ولو كان حياته، فإنما فات أو أفيت ما لزم فواته ضرورة، فلا غبن ولا حيف حقيقة، وإنما الغبن والتغابن في إفاتة شيء لو لم يفته لبقي دائما، وانتفع به صاحبه سرمدا، وهو النور الكمالي والاستعدادي، فتظهر الحسرة والتغابن هناك، في إضاعة الربح ورأس المال في تجارة الفوز والنجاة، كما قال: فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ [البقرة: ١٦] ، فمن أضاع استعداده ونور فطرته، كان مغبونا مطلقا، كمن أخذ نوره وبقي في الظلمة. ومن بقي نور فطرته ولم يكتسب الكمال اللائق به الذي يقتضيه استعداده، أو اكتسب منه شيئا، ولم يبلغ غايته، كان مغبونا بالنسبة