وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ أي غدوة وعشية وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ أي وساعات منه، وهي ساعاته القريبة من آخر النهار. من (أزلفه) إذا قربه، وازدلف إليه. وصلاة الغدوة: الفجر وصلاة العشية: الظهر والعصر، لأن ما بعد الزوال عشي، وصلاة الزلف المغرب والعشاء- كذا في الكشاف-.
والآية كقوله تعالى: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ [الإسراء: ٧٨] . في جمعهما للصلوات الخمس جمعا بالغا غاية اللطف في بلاغة الإيجاز وانتصاب (طرفي النهار) على الظرف لإضافته إليه. و (زلفا) قرأها العامة بضم ففتح، جمع زلفة، كظلمة وظلم. وقرئ بضمهما، إما على أنه جمع زلفة أيضا، ولكن ضمت عينه اتباعا لفائه أو على أنه اسم مفرد كعنق. أو جمع زليف بمعنى زلفة كرغيف ورغف.
وقرئ بإسكان اللام، إما بالتخفيف، فيكون فيها ما تقدم، أو على أن السكون على أصله، فهو كبسرة وبسر، من غير إتباع.
وقرئ (زلفى) كحبلى، بمعنى قريبة، أو على إبدال الألف من التنوين، إجزاء للوصل مجرى الوقف. ونصبه إما على الظرفية، بعطفه على (طرفي النهار) لأن المراد به الساعات، أو على عطفه على (الصلاة) فهو مفعول به.
والزلفة عند ثعلب، أول ساعات الليل.
وقال الأخفش: مطلق ساعات الليل، وأصل معناه القرب. يقال ازدلف أي اقترب و (من الليل) صفة زلفا- كذا في العناية-.
إِنَّ الْحَسَناتِ أي التي من جملتها، بل عمدتها، ما أمرت به من الصلوات يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ أي التي قلما يخلو منها البشر، أي يكفرنها. ذلِكَ أي إقامة الصلوات في الأوقات المذكورة، ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ أي ذكرى له تعالى، وإحضار