قالُوا وَجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِينَ أي فقلدناهم وتأسينا بهم. قالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ أي لا يخفى على عاقل لعدم استناد الفريقين إلى دليل، بل إلى هوى متّبع وشيطان مطاع. وفي الإتيان ب (في) الظرفية دلالة على تمكنهم في ضلالهم، وأنه ضلال قديم موروث. فهو أبلغ من (ضالين) .
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ٥٥ الى ٥٦]
قالُوا أَجِئْتَنا بِالْحَقِّ أي بالجد في دعوى الرسالة ونسبتنا إلى الضلال أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ قالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ قال الزمخشريّ رحمه الله: الضمير في (فطرهنّ) للسموات والأرض أو للتماثيل. وكونه للتماثيل أدخل في تضليلهم وأثبت للاحتجاج عليهم. أي لدلالته صراحة على كونها مخلوقة غير صالحة للألوهية، بخلاف الأول، وجوابه عليه السلام إما إضراب عما بنوا عليه مقالتهم في اعتقاد كونها أربابا لهم، كما يفصح عنه قولهم نَعْبُدُ أَصْناماً فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ [الشعراء: ٧١] ، كأنه قيل ليس الأمر كذلك بل رَبُّكُمْ ... الآية. أو إضراب عن كونه لاعبا بإقامة البرهان على ما ادعاه. وقوله مِنَ الشَّاهِدِينَ أي المبرهنين عليه بالحجة، لا لقولكم العاطل منها.