للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يظنّ أنهم يؤمنون إذا تلي عليهم، فلما نزلت وأصرّوا على كفرهم، قيل له: وَما أَكْثَرُ النَّاسِ إلخ. وكأنه إشارة إلى ما ذكر في قوله تعالى: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ [القصص: ٥٦] .

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يوسف (١٢) : آية ١٠٤]]

وَما تَسْئَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ (١٠٤)

وَما تَسْئَلُهُمْ عَلَيْهِ أي على هذا النصح، والدعاء إلى الخير والرشد، مِنْ أَجْرٍ أي أجرة إِنْ هُوَ أي ما هو، يعني القرآن، إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ أي: عظة لهم، يتذكرون به ويهتدون وينجون في الدنيا والآخرة يعني: أن هذا القرآن يشتمل على العظة البالغة، والمراشد القويمة، وأنت لا تطلب في تلاوته عليهم مالا، ولا جعلا. فلو كانوا عقلاء لقبلوا، ولم يتمردوا.

قال بعض اليمانين: في الآية دليل علي أن من تصدّر للإرشاد، من تعليم ووعظ، فإن عليه اجتناب ما يمنع من قبول كلامه.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يوسف (١٢) : آية ١٠٥]]

وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ (١٠٥)

وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وَهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ أي:

وكم من آية على وحدانية الخالق، وقدرته الباهرة، ونعوته الجليلة، في السموات: من كواكبها وأفلاكها. وفي الأرض: من قطع متجاورات، وحدائق وجنات، وجبال راسيات، وبحار زاخرات، وقفار شاسعات، وحيوان ونبات، وثمار مختلفات، وأحياء، وأموات، يشاهدونها، ولا يعتبرون بها.

قال الرازيّ: يعني أنه لا عجب إذا لم يتأملوا في الدلائل الدالة على نبوتك، فإن العالم مملوء من دلائل التوحيد، والقدرة والحكمة ثم إنهم يمرون عليها، ولا يلتفتون إليها. واعلم أن دلائل التوحيد والعلم والقدرة والحكمة والرحمة، لا بد وأن تكون من أمور محسوسة، وهي إما الأجرام الفلكية، وإما الأجرام العنصرية. أما الأجرام الفلكية فهي قسمان: أفلاك وكواكب أما الأفلاك، فقد يستدل بمقاديرها المعينة على وجود الصانع. وقد يستدل بكون بعضها فوق البعض أو تحته، وقد يستدل بأحوال حركاتها، إما بسبب أن حركاتها مسبوقة بالعدم، فلا بد من محرك قادر، وإما بسبب كيفية حركاتها في سرعتها وبطئها، وإما بسبب اختلاف جهات

<<  <  ج: ص:  >  >>