حينئذ ذلِكَ إشارة إلى محل النزاع رَجْعٌ بَعِيدٌ أي: عن الأوهام أو العادة أو الإمكان.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة ق (٥٠) : آية ٤]]
قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ (٤)
قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الْأَرْضُ مِنْهُمْ أي: ما تأكل من أجسامهم بعد مماتهم.
وهو ردّ لاستبعادهم، وإزاحة له. فإن من عمّ علمه ولطف حتى انتهى إلى حيث علم ما تنقص الأرض من أجساد الموتى. وتأكل من لحومهم وعظامهم، كيف يستبعد رجعه إياهم أحياء كما كانوا. وقيل: المعنى ما يموت فيدفن في الأرض منهم.
وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ قال أبو السعود: أي حافظ لتفاصيل الأشياء كلها، أو محفوظ من التغير. والمراد: إما تمثيل علمه تعالى بكليات الأشياء وجزئياتها، بعلم من عنده كتاب محيط، يتلقى منه كل شيء. أو تأكيد لعلمه تعالى بها، بثبوتها في اللوح المحفوظ عنده.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة ق (٥٠) : آية ٥]]
بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ (٥)
بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ وهو القرآن، لَمَّا جاءَهُمْ أي من غير تأمّل وتفكّر.
قال الزمخشري: إضراب أتبع الإضراب الأول، للدلالة على أنهم جاءوا بما هو أفظع من تعجبهم، وهو التكذيب بالحق، الذي هو النبوّة الثابتة بالمعجزات، في أول وهلة من غير تفكّر ولا تدبّر. وكونه أفظع، للتصريح بالتكذيب من غير تدبر بعد التعجب منه. فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ أي مضطرب. يعني. اختلاف مقالتهم فيه، من ادعاء أنه شعر أو سحر ونحوه، تعنتا وكبرا.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة ق (٥٠) : آية ٦]]
أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ (٦)
أَفَلَمْ يَنْظُرُوا أي هؤلاء المكذّبون بالبعث، المنكرون قدرتنا على إحيائهم بعد فنائهم، إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها أي رفعناها بغير عمد، وَزَيَّنَّاها أي بالنجوم، وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ. قال ابن جرير: يعني وما لها من صدوع وفتوق. كقوله تعالى: الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً، ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ،