الآيات في هذا المعنى كثيرة. كقوله تعالى: وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ [فاطر: ٤٥] ، وقوله: وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى ظُلْمِهِمْ [الرعد: ٦] ، ورَبُّكَ مبتدأ والْغَفُورُ خبره وتقديم الوصف بالمغفرة على الرحمة، لأنه أهم بحسب الحال. إذ المقام مقام بيان تأخير العقوبة عنهم، بعد استيجابهم لها. كما يعرب عنه قوله عز وجل: لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا والموعد المذكور هو يوم بدر. أو الفتح المشار إليه في كثير من الآيات. أو يوم القيامة. والكل لاحق بهم. و (الموئل) الملجأ والمنجى. أي ليس لهم عنه محيص ولا مفر. وقوله تعالى:
وَتِلْكَ الْقُرى أي قرى عاد وثمود وأضرابهم أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا بالكفر والطغيان وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً أي وقتا معيّنا لا محيد لهم عنه. وهذا استشهاد على ما فعل بقريش من تعيين الموعد، ليتنبهوا لذلك ولا يغتروا بتأخر العذاب. ثم أشار تعالى إلى نبأ موسى من الخضر عليهما السلام، ذلك النبأ الذي تضمن من الفوائد والحكم وأعلام النبوة، ما لا يخفى على متبصر. كما ستقف على شذرات من ذلك.
وَإِذْ قالَ مُوسى لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً أي اذكر وقت قول موسى لفتاه، لا أبرح، أي لا أزال أسير حتى أبلغ مجمع البحرين. أي المكان الذي فيه ملتقى البحرين. فأجد فيه الخضر. أو أسير زمانا طويلا إن لم أجده ثمة، فأتيقن فوات المطلب.
قال المهايميّ أي اذكر للذين إن تدعهم إلى الهدى فلن يهتدوا إذا أبدا، لتكبرهم عليك، إنكم لستم بأعلم من موسى ولا أرشد منه. ولست أقل من الخضر في الهداية بل أعظم. لأنها هداية في الظاهر والباطن. وهداية الخضر إنما هي في الباطن. ولا تحتاجون في تحصيله إلى تحمل المشاق، واحتاج إليه موسى.
و (الفتى) الشاب. قال الشهاب: العرب تسمي الخادم فتى، لأن الغالب استخدام من