للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله تعالى: أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا تقريع على فرط ضلالهم وإخلالهم بالنظر. والمعنى: ألم يروا، حين اتخذوه إلها، أنه لا يقدر على كلام، ولا على إرشاد سبيل، كآحاد البشر؟ فهو جماد لا ينفع ولا يضر. فكيف يكون إلها؟

وقوله تعالى: اتَّخَذُوهُ تكرير لتأكيد الذم، أي: اتخذوه إلها وعبدوه.

وَكانُوا ظالِمِينَ أي: واضعين الأشياء في غير مواضعها. والجملة إما استئنافية، أو اعتراض تذييلي للإخبار بأن ذلك دأبهم وعادتهم قبل ذلك، فلا ينكر هذا منهم. أو حالية، أي: اتخذوه في هذه الحالة المستقرة لهم.

[تنبيه:]

قال الجشمي: تدل الآية على صحة الحجاج في الدين، وأنه تعالى دلهم، في بطلان اتخاذ العجل إلها، بأنه لا يتكلم ولا يهدي. وإنما ذكر الكلام لأن الخوار تنفد فيه الحيلة، ولا تنفد في الكلام. وتدل على أن إزالة الشبه في الدين واجب، كما أزالها الله تعالى. وتدل على أن القوم كانوا جهالا غير عارفين حقيقة الأشياء، لذلك عبدوا العجل. وتدل على أن تلك الحلي كانت ملكا لبني إسرائيل، لذلك قال حُلِيِّهِمْ. فإن ثبت أنهم استعاروه، فيدل على زوال ملكهم، وانتقال الملك إلى بني إسرائيل، كما تملك أموال أهل الحرب. وتدل على أن الاتخاذ فعلهم.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأعراف (٧) : آية ١٤٩]]

وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا وَيَغْفِرْ لَنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (١٤٩)

وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ أي: ندموا على عبادة العجل وَرَأَوْا أي علموا وأيقنوا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا أي: عن الحق والهدى قالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا أي بقبول توبتنا وَيَغْفِرْ لَنا أي: ما قدمنا من عبادة العجل لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ أي: بالعقوبة. أي: ممن خسروا أعمالهم وأعمارهم.

[لطيفة:]

يقال للنادم على ما فعل، الحسر على ما فرط منه (قد سقط في يده) و (أسقط) مضمومتين- قاله الزجاج-.

<<  <  ج: ص:  >  >>