[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة مريم (١٩) : آية ١٧]]
فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا (١٧)
فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً
أي لئلا تحجبها رؤية الخلق عن أنوار الحق فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا
أي جبريل المنسوب إلى مقام عظمتنا، لغاية كماله، لينفخ فيها فَتَمَثَّلَ لَها
أي فتصور لرؤيتها بَشَراً سَوِيًّا
أي سويّ الخلق، كامل الصورة.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة مريم (١٩) : آية ١٨]]
قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (١٨)
قالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ
أي أعتصم به منك. إنما خافته لانفرادها في خلوتها، وظنها أنه يريدها على نفسها. وفي ذلك من الورع والعفاف ما لا غاية وراءه إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا
أي تتقي الله تعالى، وتبالي بالاستعاذة به. وجواب الشرط محذوف ثقة بدلالة السياق عليه. أي فإني عائذة به. أو فلا تتعرض لي. وإنّما ذكّرته بالله تعالى، لأن المشروع في الدفع أن يكون بالأسهل فالأسهل. فخوفته أولا بالله عز وجل.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة مريم (١٩) : آية ١٩]]
قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا (١٩)
قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ
أي لا تخافي ولا تتوقعي ما توهمت. فإني رسول ربك الذي استعذت به، بعثني إليك لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا
أي لأكون سببا في هبته. و (الزكيّ) الطاهر من الذنوب أو النامي على الخير.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة مريم (١٩) : آية ٢٠]]
قالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا (٢٠)
قالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا أي تعجبت من هذا وقالت: كيف يكون لي غلام، أي على أي صفة يوجد مني، ولست بذات زوج ولا يتصور مني الفجور؟
قال الزمخشريّ: جعل المس عبارة عن النكاح الحلال، لأنه كناية عنه. كقوله تعالى: مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ [البقرة: ٢٣٧] ، أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ [النساء: