للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بطن أمه، ومنه جسد الولد فإنه يكون تامّا ومخدجا. ومنه مدة ولادته فإنها تكون أقل من تسعة أشهر. وأزيد عليها، ومنه الدم فإنه يقل ويكثر.

وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ أي: بقدر وحدّ لا يجاوزه حسب قابليته كقوله تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ [القمر: ٤٩] ، وقوله: وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً [الفرقان: ٢] ، وذلك أنه تعالى خص كل مكوّن بوقت وحل معينين، وهيأ لوجوده. وبقائه أسبابا مسوقة إليه تقتضي ذلك: عالِمُ الْغَيْبِ أي ما غاب عن الحس وَالشَّهادَةِ أي ما شهده الحس الْكَبِيرُ أي العظيم الشأن الذي كل شيء دونه الْمُتَعالِ أي المستعلى على كل شيء بقدرته. أو المنزّه عن صفات المخلوقين، المتعالي عنها.

وأكثر القرّاء على حذف ياء الْمُتَعالِ تخفيفا، وصلا ووقفا، وقرئ بإثباته فيهما على الأصل.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الرعد (١٣) : آية ١٠]]

سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ (١٠)

سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ أي في نفسه وَمَنْ جَهَرَ بِهِ أي لغيره وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ أي: طالب الخفاء في مختبأ بالليل في ظلمته وَسارِبٌ بِالنَّهارِ أي: ذاهب في سربه، أي في طريقه يبصره كل أحد.

[لطيفة:]

قيل: إن (سواء) بمعنى الاستواء وهو يقتضي ذكر شيئين، وهنا إذا كان (سارب) معطوفا على جزء الصلة أو الصفة، يكون شيئا واحدا.

وأجيب عنه بوجهين: (الأول) أن (سارب) معطوف على (من هو) لا على (مستخف) كأنه قيل: سواء منكم إنسان هو مستخف وآخر هو سارب. و (الثاني) أنه عطف على (مستخف) . إلا أن (من) في معنى الاثنين كقوله:

نكن مثل من يا ذئب يصطحبان

كأنه قيل: سواء منكم اثنان هما مستخف وسارب. وعلى الوجهين (من) موصوفة لا موصولة. فيحمل الأولان على ذلك ليتوافق الكل.

وهناك وجه آخر وهو أن يكون الموصول محذوفا وصلته باقية والمعنى: ومن

<<  <  ج: ص:  >  >>