وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا وهم المستعجلون بالسيئة المتقدمون.
قال أبو السعود: وإنما عدل عن الإضمار إلى الموصول، ذمّا لهم ونعيا عليهم كفرهم بآيات الله تعالى التي تخر لها صم الجبال، حيث لم يرفعوا لهم رأسا ولم يعدّوها من جنس الآيات وقالوا عنادا:
لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ أي: مثل آيات موسى وعيسى عليهما السلام، أو مثل ما يقترحون من جعل الصفا ذهبا، أو إزاحة الجبال وجعل مكانها مروجا وأنهارا وإِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ أي: مرسل للإنذار والتخويف من سوء عاقبة ما يأتون ويذرون، وناصح كغيرك من الرسل، فما عليك إلّا البلاغ، لا إجابة المقترحات وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ أي: نبيّ داع إلى الحق مرشد بالآية التي تناسب زمنه كقوله تعالى: وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلا فِيها نَذِيرٌ [فاطر: ٢٤] ، تعريض بأنه صلى الله عليه وسلم ليس بدعا من الرسل. فقد خلا قبله الهداة الداعون إلى الله، عليهم السلام أو المعنى: لكل قوم هاد عظيم الشأن، قادر على هدايتهم، هو الله سبحانه، فما عليك إلا إنذارهم لا هدايتهم. وإيتاؤهم الإيمان وصدهم عن الجحود. فإن ذلك لله وحده كقوله تعالى: لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ [البقرة: ٢٧٢] ، أو المعنى: لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ قائد يهديهم إلى الرشد. وهو الكتاب المنزل عليهم الداعي بعنوان الهداية إلى ما فيه صلاحهم. يعني: أن سر الإرسال وآيته الفريدة وإنما هو الدعاء إلى الهدى وتبصير سبله، والإنذار من الاسترسال في مساقط الردى. وقد أنزل عليك من الهدى أحسنه.