تعالى بالعبادة أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلهاً أي أطلب لكم معبودا. يقال: أبغاه الشيء طلبه له، ك (بغاه إياه) ، يتعدى إلى مفعولين، وليس من باب الحذف والإيصال.
وفي الحديث «١» : أبغني أحجارا أستطيب بها، بهمزة القطع والوصل. وقال الشاعر:
وكم آمل من ذي غنى وقرابة ... لتبغيه خيرا وليس بفاعل
والاستفهام في الآية للإنكار والتعجب والتوبيخ وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ أي والحال، أنه تعالى خصكم بنعم لم يعطها غيركم.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأعراف (٧) : آية ١٤١]]
وَإِذْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُقَتِّلُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (١٤١)
وَإِذْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ أي: من فرعون وقومه يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ أي يكلفونكم إياه، أو يولونكم إياه، يقال: سامه الأمر يسومه، كلفه إياه وجشمه وألزمه. أو أولاه إياه يُقَتِّلُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ أي فنجاكم منه وحده، من غير شفاعة أحد.
[تنبيه:]
قال الجشمي: تدل الآية على أن هلاك الأعداء نعمة من الله يجب مقابلتها بالشكر. وتدل على أن المحن في الأولاد والأهل بمنزلة المحن في النفس، ويجري مجراه. انتهى.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأعراف (٧) : آية ١٤٢]]
وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (١٤٢)
وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً روي أن بني إسرائيل لما خرجوا من مصر، نزلوا في برّية طور سيناء، وكانت مدة خروجهم إلى أن نزلوا شهرا ونصفا. ولما نزلوا تلقاء الجبل، صعد موسى إليه،
(١) أخرجه البخاري في: الوضوء، ٢٠- باب الاستنجاء بالحجارة، حديث رقم ١٢٦.