للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أتبعه ما في الإعراض عنه من المنافع فقال:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (٢) : آية ١٠٣]]

وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (١٠٣)

وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا أي بما دعوا إليه من القرآن الحكيم وَاتَّقَوْا أي ما يؤثمهم، ومنه السحر والتمويه وقوله لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ جواب «لو» وأصله:

لأثيبوا مثوبة من عند الله خيرا مما شروا به أنفسهم. فحذف الفعل وغيّر السبك إلى ما عليه النظم الكريم، دلالة على ثبات المثوبة لهم والجزم بخيريتها، وحذف المفضل عليه إجلالا للمفضل من أن ينسب إليه، وقوله تعالى: لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ أي أن ثواب الله خير. وإنما نسبوا إلى الجهل لعدم العمل بموجب العلم.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (٢) : آية ١٠٤]]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا وَاسْمَعُوا وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ (١٠٤)

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم راعِنا التي تقصدون بها الرعاية والمراقبة لمقصد الحير وحفظ الجانب، فاغتنمها اليهود لموافقة كلمة سيئة عندهم فصاروا يلوون بها ألسنتهم، ويقصدون بها الرعونة، وهي إفراط الجهالة، فنهاهم عن موافقتهم في القول، منعا للصحيح الموافق في الصورة لشبهه من القبيح، وعوضهم منها ما لا يتطرق إليه فساد فقال وَقُولُوا انْظُرْنا فأبقى المعنى وصرف اللفظ. أي أنظر إلينا. بالحذف والإيصال. أو انتظرنا. على أنه من نظره إذا انتظره، وقرئ انظرنا من النظرة أي أمهلنا حتى نحفظ. وقرئ راعونا على صيغة الجمع للتوقير. وراعنا على صيغة الفاعل أي قولا ذا رعن، كدارع ولابن، لأنه لما أشبه قولهم راعينا وكان سببا للسب بالرعن اتصف به وَاسْمَعُوا أي قولوا ما أمرتكم به، وامتثلوا جميع أوامري، ولا تكونوا كاليهود، حيث قالوا سمعنا وعصينا وَلِلْكافِرِينَ أي اليهود الذي توسلوا بقولكم المذكور إلى التهاون بمقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عَذابٌ أَلِيمٌ لما اجترءوا عليه من العظيمة، وهو تذييل لما سبق، فيه وعيد شديد لهم، ونوع تحذير للمخاطبين عما نهوا عنه. وهذه الآية نظير قوله تعالى في سورة النساء مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَراعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ، وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنا لَكانَ خَيْراً

<<  <  ج: ص:  >  >>