تعدد أيامها واختلاف أوقاتها. منها قوله تعالى: فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ [المؤمنون: ١٠١] ، مع قوله: وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ [الصافات: ٢٧] فيتعين حمل الآيتين على يومين مختلفين ووقتين متغايرين:
أحدهما محل للتناول والآخر ليس محلا له، وكذلك الشفاعة. وأدلة ثبوتها لا تحصى كثرة، رزقنا الله الشفاعة. وحشرنا في زمرة أهل السنة والجماعة.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (٢) : آية ٤٩]]
وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (٤٩)
وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ تذكير لتفاصيل ما أجمل في قوله تعالى:
نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ من فنون النعماء. أي واذكروا وقت تنجيتنا إياكم، أي آباءكم. فإن تنجيتهم تنجية لأعقابهم. والمراد بالآل، فرعون وأتباعه، فإن الآل يطلق على الشخص نفسه وعلى أهله وأتباعه وأوليائه (قاله في القاموس) .
ثم بين ما أنجاهم منه بقوله يَسُومُونَكُمْ أي يبغونكم سُوءَ الْعَذابِ أي أفظعه وأشده يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ أي يتركونهم أحياء وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ البلاء إما المحنة، إن أشير بذلكم إلى صنيع فرعون، أو النعمة، إن أشير به إلى الإنجاء. قال ابن جرير: العرب تسمي الخير بلاء والشر بلاء.
فائدة: فرعون لقب لمن ملك مصر كافرا. ككسرى لملك الفرس. وقيصر لملك الروم. وتبّع لمن ملك اليمن كافرا. والنجاشي لمن ملك الحبشة، وخاقان لملك الترك. ولعتوّه اشتق منه: تفرعن الرجل، إذا عتا وتمرد.
وسبب سومه بني إسرائيل سوء العذاب من تذبيح أبنائهم (على ما روي في التوراة) خوفه من نموّهم وكثرة توالدهم. وكانت أرض مصر امتلأت منهم. فإن يوسف، عليه السلام، لما استقدم أباه وإخوته وأهلهم من أرض كنعان إلى مصر، أعطاهم ملكا في أرض مصر في أفضل الأرض كما أمره ملك مصر. وكان لهم في مصر مقام عظيم بسبب يوسف عليه السّلام. فتكاثروا وتناسلوا. ولما توفي يوسف عليه السّلام والملك الذي اتخذه وزيرا عنده، انقطع ذلك الاحترام عن بني إسرائيل.
إلى أن قام على مصر أحد ملوكها الفراعنة. فرأى غوّ الإسرائيليين. فقال لقومه:
أضحى بنو إسرائيل شعبا أكثر منا وأعظم. فهلمّ نحتال لهم لئلا ينموا. فيكون، إذا