فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ أي لا يفتح له باب المعذرة، كقوله وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ [المرسلات: ٣٦] ، ففي السؤال مجاز عن نفي سماع الاعتذار. فهو من باب نفي السبب لانتفاء المسبب. وأخذ كثير السؤال على حقيقته، وحاولوا الجمع بينه وبين ما قد ينافيه.
قال القاشاني: وأما الوقف والسؤال المشار إليه في قوله وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ [الصافات: ٢٤] ، ونظائره، ففي مواطن أخر من اليوم الطويل الذي كان مقداره خمسين ألف سنة، وقد يكون هذا الموطن قبل الموطن الأول في ذلك اليوم، وقد يكون بعده.
وكذا قال ابن كثير: إن هذه الآية كقوله تعالى: هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ [المرسلات: ٣٥- ٣٦] ، فهذا حال. وثمّ حال يسأل الخلائق عن جميع أعمالهم، قال تعالى: فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ [الحجر: ٩٢- ٩٣] ، وفي الآية تأويل آخر. قال مجاهد: لا يسأل الملائكة عن المجرم، يعرفون بسيماهم.
وقال الإمام ابن القيّم في (طريق الهجرتين) اختلف في هذا السؤال المنفي، فقيل: هو وقت البعث والمصير إلى الموقف، لا يسألون حينئذ، ويسألون بعد إطالة الوقوف، واستشفاعهم إلى الله أن يحاسبهم، ويريحهم من مقامهم ذلك. وقيل المنفيّ سؤال الاستعلام والاستخبار، لا سؤال المحاسبة والمجازاة. أي قد علم الله ذنوبهم، فلا يسألهم عنها سؤال من يريد علمها، وإنما يحاسبهم عليها. انتهى.
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ قال ابن جرير: أي من عدله فيكم أنه لم يعاقب منكم إلا مجرما.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ٤١ الى ٤٥]