شراب وشراب، فالفرق بين الأنواع المشتركة من الجنس تفريق بين المتماثلين، وخروج عن موجب القياس الصحيح، كما هو خروج عن موجب النصوص. وهم معترفون بأن قولهم خلاف القياس، لكن يقولون: معنا آثار توافق، اتبعناها، ويقولون:
إن اسم الخمر لم يتناول كل مسكر. وغلطوا في فهم النص، وإن كانوا مجتهدين مثابين على اجتهادهم. ومعرفة عموم الأسماء الموجودة في النص وخصوصها، من معرفة حدود ما أنزل الله على رسوله، وقد قال تعالى: الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ [التوبة: ٩٧] والكلام في ترجيح نفاة القياس ومثبتيه يطول استقصاؤه ولا يحتمل المقام بسطه أكثر من هذا- والله أعلم- انتهى كلامه رحمه الله.
قالَ تعالى لإبليس فَاهْبِطْ مِنْها أي: بسبب عصيانك لأمري وخروجك عن طاعتي. وأكثر المفسرين على أن الضمير عائد إلى الجنة، والإضمار قبل ذكرها لشهرة كونه من سكانها. قال ابن كثير: ويحتمل أن يكون عائدا إلى المنزلة التي هو فيها من الملكوت الأعلى- انتهى- وعليه اقتصر المهايمي حيث قال: فاهبط منها أي:
من رتبة الملكية إلى رتبة العناصر فَما يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها أي: فما يصح ولا يستقيم، فإنها مكان المطيعين الخاشعين فَاخْرُجْ تأكيد للأمر بالهبوط، متفرّع على علته إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ أي: من الأذلاء وأهل الهوان على الله تعالى وعلى أوليائه.