تعليل لما دل عليه تشبيههم بالزرع من نمائهم وقوتهم، كأنه قيل: إنما قوّاهم وكثّرهم ليغيظ بهم الكفار.
[لطائف:]
الأولى: يجوز في قوله تعالى وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ وجهان:
أحدهما- أنه مبتدأ، وخبره كَزَرْعٍ فيوقف على قوله فِي التَّوْراةِ فهما مثلان، وإليه ذهب ابن عباس.
والثاني- أنه معطوف على مَثَلُهُمْ الأول، فيكون مثلا واحدا في الكتابين، ويوقف حينئذ على فِي الْإِنْجِيلِ، وإليه نحا مجاهد والفرّاء، ويكون قوله كَزَرْعٍ في هذا فيه أوجه:
أحدهما- أنه خبر مبتدأ مضمر. أي مثلهم كزرع، فسر به المثل المذكور في الإنجيل.
الثاني- أنه حال من الضمير في مَثَلُهُمْ أي مماثلين زرعا هذه صفته.
الثالث- أنه نعت مصدر محذوف، أي تمثيلا كزرع- ذكره أبو البقاء-.
قال الزمخشريّ: ويجوز أن يكون ذلِكَ إشارة مبهمة أوضحت بقوله كَزَرْعٍ كقوله وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ [الحجر: ٦٦] ، - أفاده السمين-.
الثانية- قال السمين: الضمير المستتر في فَآزَرَهُ للزرع، والبارز للشطء.
وعكس النسفيّ، فجعل المستتر للشطء، والبارز للزرع. أي فقوي الشطء بكثافة الزرع وكثافته كثرة فروعه وأوراقه. قال الجمل: وما صنعه النسفي أنسب، فإن العادة أن الأصل يتقوّى بفروعه، فهي تعينه وتقوّيه.
الثالثة- قال السمين: يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ حال. أي حال كونه معجبا، وهنا تمّ المثل.
الرابعة- قال الزمخشريّ: هذا مثل ضربه الله لبدء أمر الإسلام، وترقّيه في الزيادة، إلى أن قوي واستحكم، لأن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قام وحده، ثم قوّاه الله بمن آمن معه، كما يقوّي الطاقة الأولى من الزرع، ما يحتف بها مما يتولد منها حتى يعجب الزراع.