بقلوبهم وجوارحهم. و (الخشوع) السكون والطمأنينة والتؤدة والوقار والتواضع.
والحامل عليه الخوف منه تعالى ومراقبته وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقاتِ أي بالإحسان إلى الفقراء والبؤساء الذين لا كسب لهم ولا كاسب. فيعطون من فضول أموالهم طاعة لله وإحسانا إلى خلقه وإتماما للخشوع وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِماتِ أي الآتين بما طلب منهم من الصيام المورث للتقوى والرحمة على من يتضور جوعا ويتصبر فقرا وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ أي عن إبدائها وإراءتها، حياء وكفّا عن مثار الشهوة المحرمة أو عن الحرام والفجور وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ أي بقلوبهم وألسنتهم أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً أي بسبب ما عملوا من الحسنات المذكورة غفرانا لما اقترفوا من الصغائر لأنها مكفرة بذلك وَأَجْراً عَظِيماً أي ثوابا وافرا في الجنة، وقوله تعالى:
وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ أي ما صح لهما إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ أي قضى الله ورسوله في أنفسهم قضاء، أن يتخيروا من أمرهم غير الذي قضى فيهم ويخالفوا أمر الله وأمر رسوله وقضاءهما ويعصوهما، لما في ذلك من المأثم، كما قال تعالى: وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أي فيما أمرا أو نهيا فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِيناً أي جار عن قصد السبيل، وسلك غير الهدى والرشاد.
وقد ذكر أن هذه الآية نزلت في زينب بنت جحش، حين خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلّم لزيد بن حارثة. فأبت لكونه مولى لا يماثلها في الشرف. فنزلت الآية فرضيت وتزوجها.
قال المهايمي: الظاهر أن الخطبة كانت بطريق الوجوب. ويحتمل أن تكون لا بطريق الوجوب، لكن اعتبار العار في مقابلة خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلّم معصية، لما فيه من ترجيح قول أهل العرف على قول رسول الله صلى الله عليه وسلّم مع كونه قول الله بالحقيقة.
وقال بعضهم: إنما عدّ التنزيل إباءها عصيانا، وكأنه أرغمها على زواجه، لما أوقع الله من المصلحة لها وللمسلمين في ذلك. وهو هدم تحريم زوجة المتبنّى، الفاشي في الجاهلية. كما سيأتي سياقه.