وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ أي ظن الأمر السوء، وهو أن لا ينصر تعالى رسوله والمؤمنين. عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ أي بالتعذيب في الدنيا بأنواع الوقائع، كالقتل والإهانة والإذلال. وقرئ دائِرَةُ السَّوْءِ بالضم، وهما لغتان من (ساء) كالكره والكره. وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أي بالقهر والحجب. وَلَعَنَهُمْ أي بالطرد والإبعاد في الآخرة. وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الفتح (٤٨) : آية ٧]]
وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً قيل في سر التكرير: إنه ذكر سابقا على أن المراد به أنه المدبر لأمر المخلوقات بمقتضى حكمته، فلذلك ذيله بقوله عَلِيماً حَكِيماً، وهنا أريد به التهديد بأنهم في قبضة قدرة المنتقم، فلذا ذيله بقوله عَزِيزاً حَكِيماً فلا تكرار. وقيل: إن الجنود جنود رحمة، وجنود عذاب، وأن المراد هنا الثاني، ولذا تعرّض لوصف العزة. وقال القاشاني: كررها ليفيد تغليب الجنود الأرضية على السماوية في المنافقين والمشركين، بعكس ما فعل بالمؤمنين. وبدّل عَلِيماً بقوله عَزِيزاً ليفيد معنى القهر والقمع، لأن العلم من باب اللطف، والعزة من باب القهر.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الفتح (٤٨) : آية ٨]]
لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ أي تؤيدوا دينه وتقرّوه وَتُوَقِّرُوهُ أي تعظّموه وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا أي غدوة وعشيا- على ظاهره- أو دائما، بجعل طرفي النهار كناية عن الجميع، كما يقال (شرقا وغربا) لجميع الدنيا. والضمائر كلها- على ما ذكرنا- لله، وجوّز إعادة الأولين للرسول، والأخير لله إلا أن فيه تفكيكا.