الحق الذي جاءهم، فإنا محكمون لهم ما يخزيهم ويذلهم، من النكال. كقوله تعالى: أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ [الطور: ٤٢] .
أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ أي ما أخفوه من تناجيهم بما يمكرون، فلا نجازيهم عليه لخفائه علينا بَلى أي نسمعهما ونطلع عليهما وَرُسُلُنا يعني الحفظة لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ أي ما تكلّموا به ولفظوا من قول. ثم أشار إلى ردّ إفكهم في أن الملائكة بنات الله تعالى، ختما للسورة مما بدئت به، المسمى عند البديعيين (رد العجز على الصدر) فقال سبحانه:
قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ أي لذلك الولد. والأولية بالنسبة إلى المخاطبين، لا لمن تقدّمهم. قال الشهاب: ولو أبقى على إطلاقه، على أن المراد إظهار الرغبة والمسارعة. جاز. انتهى.
سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ على نفي التالي. وهو عبادة الولد. أي أوحّده وأنزّهه تعالى عما يصفونه من كونه مماثلا لشيء. لكونه ربّا خالقا للأجسام كلها. فلا يكون من جنسها. فيفيد انتفاء الولد على الطريق البرهاني.
وأما دلالته على الثاني فإذا جعل قوله: سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ إلخ من كلام الله تعالى، لا من كلام الرسول، (أي نزّه رب السماوات عما يصفونه) فيكون نفيا للمقدم ويكون تعليق عبادة الرسول من باب التعليق بالمحال. والمعلق بالشرط عند عدمه فحوى بدلالة المفهوم، أبلغ عند علماء البيان من دلالة المنطوق. كما قال في استبعاد الرؤية فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي [الأعراف: ١٤٣] . انتهى.