يعني هذا الصنيع فعلته قصدا. وهو من الأمور التي اشترطت معك أن لا تنكر عليّ فيها. لأنك لم تحط بها خبرا إذ لها سر لا تعلمه أنت.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الكهف (١٨) : آية ٧٣]]
قالَ لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً (٧٣)
قالَ أي موسى لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ من الشرط. فإن المؤاخذة به تفضي إلى العسر. والمراد التماس عدم المؤاخذة لقيام المانع وهو النسيان وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً أي لا تحمل عليّ من أمري، في تحصيل العلم منك، عسرا، لئلا يلجئني إلى تركه. أي لا تعسّر عليّ متابعتك، بل يسّرها عليّ، بالإغضاء وترك المناقشة.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الكهف (١٨) : آية ٧٤]]
فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً فَقَتَلَهُ قالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً (٧٤)
فَانْطَلَقا أي بعد أن خرجا من السفينة إلى الساحل حَتَّى إِذا لَقِيا غُلاماً فَقَتَلَهُ قالَ أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ أي أنها لم تقتل نفسا فتقتل. بل هي زكية طاهرة من موجبات القتل لَقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُكْراً أي منكرا. أو أنكر من الأول. لأن ذلك كان خرقا يمكن تداركه بالسدّ، وهذا لا سبيل إلى تداركه بوجه ما.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الكهف (١٨) : آية ٧٥]]
قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً (٧٥)
قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً تأكيد في التذكار بالشرط الأول.
ونكتة زيادة لَكَ هو- كما قال الزمخشريّ- زيادة المكافحة بالعتاب على رفض الوصية، والوسم بقلة الصبر عند الكرة الثانية. كما لو أتى إنسان بما نهيته عنه، فلمته وعنفته، ثم أتى به مرة أخرى فإنك تزيد في تعنيفه. قال في (المثل السائر) :
وهذا موضع تدق عن العثور عليه مبادرة النظر.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الكهف (١٨) : آية ٧٦]]
قالَ إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها فَلا تُصاحِبْنِي قَدْ بَلَغْتَ مِنْ لَدُنِّي عُذْراً (٧٦)
قالَ أي موسى إِنْ سَأَلْتُكَ عَنْ شَيْءٍ بَعْدَها أي بعد هذه المرة فَلا