للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قريب من الأول. و (ضيزي) في قراءة ابن كثير مصدر وصف به، ولا يكون وصفا أصليّا. لما تقدم عن سيبويه.

فإن قيل: لم لا قيل في (ضئزى) بالكسر والهمز، أن أصله ضيزى بالضم فكسرت الفاء، لما قيل فيها مع الياء؟

فالجواب: أنه لا موجب هنا للتغيير، إذ الضم مع الهمز لا يستثقل استثقاله مع الياء الساكنة وسمع منهم (ضؤزى) بضم الضاد مع الواو والهمزة.

وأما قراءة زيد فيحتمل أن تكون مصدرا وصف به، كدعوى، وأن تكون صفة كسكرى وعطشى. انتهى.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النجم (٥٣) : آية ٢٣]]

إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى (٢٣)

إِنْ هِيَ أي الأصنام المذكورة باعتبار الألوهية التي يدعونها لها إِلَّا أَسْماءٌ أي محضة ليس تحتها مما تنبئ هي عنه من معنى الألوهية، شيء ما أصلا.

أي ليس لها نصيب منها إلا إطلاق تلك الأسماء عليها.

قال الشهاب: والمراد لا نصيب لها أصلا، ولا وجه لتسميتها بذلك، ولو كانت الألوهية متحققة بمجرد التسمية كانت آلهة، فهو من نفي الشيء بإثباته، أو هو ادعاء محض لا طائل تحته. سَمَّيْتُمُوها أي جعلتموها أسماء مع خلوّها عن المسميات أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ أي بمقتضى أهوائكم. وتقليد التابع للمتبوع ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ أي برهان يتعلق به إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ أي إلا توهم أن ما هم عليه حق وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ أي تشتهيه أنفسهم.

قال ابن جرير: لأنهم لم يأخذوا ذلك عن وحي جاءهم من الله، ولا عن رسول من الله أخبرهم به، وإنما هو اختلاق من قبل أنفسهم، أو أخذوه عن آبائهم الذين كانوا من الكفر بالله على مثل ما هم عليه منه وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى أي الدليل الواضح، والبيان بالوحي أن عبادتها لا تنبغي وأنه لا تصلح العبادة إلا له تعالى وحده.

قال أبو السعود: والجملة حال من فاعل يَتَّبِعُونَ أو اعتراض. وأيّا ما كان، ففيه تأكيد لبطلان اتباع الظن، وهوى النفس، وزيادة تقبيح لحالهم، فإن اتباعهما

<<  <  ج: ص:  >  >>