يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ أي مهورهن فإنها أجور الأبضاع. وإيتاؤها، إما إعطاؤها معجلة، أو تسميتها في العقد. وكان التعجيل ديدن السلف وسنتهم، وما لا يعرف بينهم غيره.
قال ابن كثير: كان مهر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لنسائه اثنتي عشرة أوقية ونشّا. وهو نصف أوقية فالجميع خمسائة درهم. إلا أم حبيبة بنت أبي سفيان فإنه أمهرها عنه النجاشيّ رحمه الله تعالى أربعمائة دينار. وإلا صفية بنت حييّ فإنه اصطفاها من سبي خيبر ثم أعتقها وجعل عتقها صداقها وكذلك جويرية بنت الحارث المصطلقية أدى عنها كتابتها إلى ثابت بن قيس وتزوجها. رضي الله عنهن. انتهى.
وتقييد الإحلال له عليه الصلاة والسلام بإعطاء المهور، ليس لتوقف الحل عليه. ضرورة أنه يصح العقد بلا تسمية. ويجب مهر المثل أو المتعة على تقديري الدخول وعدمه. بل لإيثار الأفضل والأولى له عليه الصلاة والسلام. كتقييد إحلال المملوكة بكونها مسبيّة، في قوله تعالى وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ فإن المشتراة لا يتحقق بدء أمرها وما جرى عليها.
قال ابن كثير: أي وأباح لك التسرّي مما أخذت من المغانم. وقد ملك صفية وجويرية فأعتقهما وتزوجهما. وملك ريحانة بنت شمعون النضرية ومارية القبطية أم ابنه إبراهيم عليه السلام، وكانتا من السراري، رضي الله عنهما وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ أي من مكة، إلى المدينة.
والتقييد لبيان الأفضل كما تقدم، ولهم في إفراد العم والخال وجمع العمة والخالة، عدة أوجه. فيها اللطيف والضعيف. وعندي أن الإفراد والجمع تابع لمقتضى السبك والنظم ورقة التعبير ورشاقة التأدية. كما يدريه من يذوق طعم بلاغة القول، ويشرب