للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

امنع بِغَيْرِ حِسابٍ أي غير محاسب على المنّ والإمساك، فيكون حالا من المستكن، أو هو حال من العطاء، أو صلة له، وما بينهما اعتراض. والمعنى: إنه عطاء جمّ لا يكاد يمكن حصره. فقد يعبر عن الكثير ب (لا يعدّ) و (لا يحسب) ونحوه.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة ص (٣٨) : آية ٤٠]]

وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ (٤٠)

وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى أي لقربى في الدرجات، ووَ حُسْنَ مَآبٍ أي مرجع في الآخرة.

[تنبيه:]

روى الأثريّون هاهنا قصصا مطولة ومختصرة، مؤتلفة ومختلفة. قال ابن كثير:

وكلها متلقاة من أهل الكتاب، وفيهم طائفة لا يعتقدون نبوة سليمان عليه الصلاة والسلام، فالظاهر أنهم يكذبون عليه ولهذا كان في سياقها منكرات. وتقوية ابن حجر لبعض منها بأنه خرجه النسائي بإسناد قوي- لا عبرة له. فليس المقام قاصرا على صحة السند فحسب، لو كان ذلك في الصحيحين، فإنّى بمروي غيرهما؟؟

وذكر الرازي أن القصص المروية هنا هي لأهل الحشو من تأويلهم، وأما أهل التحقيق فلهم تأويلات، وقد ساقها فانظرها.

وقال الإمام ابن جزم: معنى قوله تعالى: فَتَنَّا سُلَيْمانَ أي آتيناه من الملك ما اختبرنا به طاعته، كما قال تعالى مصدقا لموسى عليه السلام في قوله: إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ إذ من الفتنة ما يهدي الله بها من يشاء وقال تعالى: الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ [العنكبوت:

١- ٣] فهذه الفتنة هي الاختبار حتى يظهر المهتدي من الضال، فهذه فتنة الله تعالى لسليمان إنما هي اختباره حتى ظهر فضله فقط. وما عدا هذا خرافات ولّدها زنادقة اليهود وأشباههم. وأما الجسد الملقى على كرسيّه فقد أصاب الله تعالى به ما أراد. نؤمن بهذا كما هو، ونقول (صدق الله عز وجل، كل من عند الله ربنا) ولو جاء نص صحيح في القرآن أو عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بتفسير هذا الجسد ما هو، لقلنا به، فإذا لم يأت بتفسيره ما هو نص ولا خبر صحيح. فلا يحل لأحد القول بالظن الذي هو أكذب الحديث في ذلك، فيكون كاذبا على الله عزّ وجلّ، إلا أننا لا نشك

<<  <  ج: ص:  >  >>