للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الواقعة (٥٦) : الآيات ٢٧ الى ٤٠]

وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ (٢٧) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (٢٨) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (٢٩) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (٣٠) وَماءٍ مَسْكُوبٍ (٣١)

وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (٣٢) لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ (٣٣) وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (٣٤) إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً (٣٥) فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً (٣٦)

عُرُباً أَتْراباً (٣٧) لِأَصْحابِ الْيَمِينِ (٣٨) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (٤٠)

وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ما أَصْحابُ الْيَمِينِ أي: أي شيء هم! أي هم شرفاء، عظماء كرماء، يتعجب من أوصافهم في السعادة فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ أي لا شوك له. أو موقر بالثمار وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ يعني شجر الموز الذي نضد ثمره من أسفله إلى أعلاه. قال مجاهد: كانوا يعجبون بوجّ من طلحه وسدره. وشجرة الموز ثمرتها حلوة دسمة لذيذة لا نوى لها وَظِلٍّ مَمْدُودٍ أي ممتد منبسط لا يتقلّص وَماءٍ مَسْكُوبٍ أي مصبوب دائم الجريان وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ لا مَقْطُوعَةٍ أي لا تنقطع عنهم متى أرادوها، لكونها غير متناهية، وَلا مَمْنُوعَةٍ أي لا تمنع عن طالبها. والقصد مباينتها لفاكهة الدنيا، فإنها تنقطع أحيانا، كفاكهة الصيف في الشتاء، وتمتنع أحيانا لعزتها أو جدبها وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ أي مرتفعة في منازلها، أو على الأرائك للرقود والمضاجعة.

وقد يؤيده تأثره بوصف من يضاجعهن فيها. وهو قوله تعالى: إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً أي بديعا فائق الوصف. فالضمير يعود على ما فهم من السياق والسباق. وقيل: قد يكنى عن الحور بالفرش، كما يكنى عنهن باللباس. فالضمير المذكور على طريق الاستخدام، إذ عاد إلى الفرش بمعنى النساء، بعد إرادة معناها المعروف منها. وقيل:

على طريق الحقيقة. أي مرفوعة على الأرائك. كآية هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ [يس: ٥٦] ، فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً أي لم يطمثن. عُرُباً جمع عروب، وهي المتحببة إلى زوجها. المحبوبة لتبعلها أَتْراباً أي على سن واحدة لِأَصْحابِ الْيَمِينِ متعلق ب (أنشأنا) أو (جعلنا) أو صفة ل أَبْكاراً أو خبر لمحذوف، مثل هن ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ أي جماعة وأمة من المتقدمين في الإيمان، وممن جاء بعدهم من التابعين لهم بإحسان من هذه الأمة.

والكثرة ظاهرة لوفرة أصحاب اليمين في أواخرهم دون السابقين، كما بينا أولا.

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الواقعة (٥٦) : الآيات ٤١ الى ٤٨]

وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ (٤١) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (٤٢) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (٤٣) لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ (٤٤) إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ (٤٥)

وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (٤٦) وَكانُوا يَقُولُونَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٤٧) أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ (٤٨)

<<  <  ج: ص:  >  >>