الم سلف الكلام على ذلك أول البقرة. اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ سبق تأويله في آية الكرسي. نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ أي القرآن. عبر عنه باسم الجنس إيذانا بكمال تفوقه على بقية الأفراد في حيازة كمالات الجنس، كأنه هو الحقيق بأن يطلق عليه اسم الكتاب دون ما عداه، كما يلوح به التصريح باسمي التوراة والإنجيل بِالْحَقِّ أي الصدق الذي لا ريب فيه مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ أي من الكتب المنزلة قبله.
قال المهايميّ: أي معرّفا صدق الكتب السالفة. وقال أبو مسلم: المراد منه أنه تعالى لم يبعث نبيّا قط إلا بالدعاء إلى توحيده والإيمان به، وتنزيهه عما لا يليق به، والأمر بالعدل والإحسان، وبالشرائع التي هي صلاح كل زمان. فالقرآن مصدق لتلك الكتب في كل ذلك. وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ تعيين لما بين يديه وتبيين لرفعة محله. تأكيدا لما قبله، وتمهيدا لما بعده. إذ بذلك يترقى شأن ما يصدقه رفعة ونباهة، ويزداد في القلوب قبولا ومهابة، ويتفاحش حال من كفر بهما في الشناعة، واستتباع ما سيذكر من العذاب الشديد والانتقام. قاله أبو السعود.
والتوراة اسم عبرانيّ معناه (الشريعة) . والإنجيل لفظة يونانية معناها (البشرى) أي الخبر الحسن. هذا هو الصواب كما نص عليه علماء الكتابين في مصنفاتهم. وقد حاول بعض الأدباء تطبيقهما على أوزان لغة العرب واشتقاقهما منها. وهو خبط. بغير ضبط.