فالجواب: أنه لما كان هذا عددا عجيبا، ظن القوم أنه ربما لم يكن مرادا لله منه ما أشعر به ظاهره، بل جعله مثلا لشيء آخر، وتنبيها على مقصود آخر، لا جرم سموه مثلا.
كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ أي إضلاله لصرفه اختياره إلى جانب الضلال:
عند مشاهدته آيات الله الناطقة بالحق. وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ أي هدايته لصرف اختياره عند مشاهدته لتلك الآيات إلى جانب الهدى وَما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ قال الزمخشري: أي وما يعلم ما عليه كل جند من العدد الخاص، من كون بعضها على عقد كامل، وبعضها على عدد ناقص، وما في اختصاص كل جند بعدده، من الحكمة إلا هو. ولا سبيل لأحد إلى معرفة ذلك، كما لا يعرف الحكمة في أعداد السموات والأرضين وأمثالها. أو وما يعلم جنود ربك لفرط كثرتها إلا هو، فلا يعزّ عليه الزيادة على عدد الخزنة المذكور، ولكن له في هذا العدد الخاص حكمة لا تعلمونها. انتهى.
ويجوز أن تكون الجملة تأييدا لكون ما تقدم مثلا. أي أن المؤمنين يستيقنون بأن عدتهم ضربت مثلا للكثرة غير المعتاد سماعها للكافرين. ومن سنته تعالى ضرب الأمثال في تنزيله، وإلا فلا يعلم جنوده التي يسلطها على تعذيب من يشاء إلا هو. وهذا معنى آخر، لم أقف الآن على من نبه عليه. ويؤيده قوله:
وَما هِيَ أي عدتهم المذكورة إِلَّا ذِكْرى لِلْبَشَرِ أي عظة يرهبون منها عذاب النار، وهول أصحابها.
وقيل الضمير ل (سقر) . وقيل: للآيات. والأقرب عندي هو الأول لسلامته من دعوى كون ما قبله معترضا، إذا أعيد الضمير لغيره، ولتأييده لما قبله بالمعنى الذي ذكرناه.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة المدثر (٧٤) : الآيات ٣٢ الى ٣٧]
كَلَّا ردع لمن أنكر العدة أو سقر أو الآيات. أو إنكار لأن تكون لهم ذكرى لأنهم لا يتذكرون، وَالْقَمَرِ وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ أي ولى ذاهبا بطلوع الفجر.