وَكَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ أي: نوردها على وجوه كثيرة في سائر المواضع، لتكمل الحجة على المخالفين، وَلِيَقُولُوا في ردها: دَرَسْتَ أي: قرأت على غيرك، وتعلمت منه. وحفظت بالدرس أخبار من مضى. كقولهم فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا [الفرقان: ٥] .
يقال: درس الكتاب يدرسه دراسة، إذا أكثر قراءته وذلّله للحفظ. قال ابن عباس: وَلِيَقُولُوا يعني: أهل مكة حين تقرأ عليهم القرآن (درست) يعني:
تعلمت من يسار وخير، وكانا عبدين من سبي الروم. ثم قرأت علينا تزعم أنه من عند الله! وقال الفرّاء: معناه تعلمت من اليهود- كذا في (اللباب) -.
ويقرأ دَرَسْتَ بفتح الدال والراء والسين وسكون التاء. أي: مضت وقدمت وتكررت على الأسماع، كما قالوا: أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ [الأنعام: ٢٥] . وهذه القراآت الثلاث متواترة. وقرئ في الشواذ دَرَسْتَ ماضيا مجهولا. أي: تليت وعفيت تلك الآيات. وقرئ دَرَسْتَ مشددا معلوما. وتشديده للتكثير أو للتعدية. أي:
درّست غيرك الكتب. وقرئ مشددا مجهولا. وقرئ (دورست) بالواو مجهول دارس. ودارست بالتأنيث، والضمير للآيات أو للجماعة: وقرئ دَرَسْتَ بضم الراء، والإسناد للآيات مبالغة في محوه أو تلاوته، لأن (فعل) المضموم للطبائع والغرائز. وقرأ أبيّ رضي الله عنه (درس) وفاعله ضمير النبيّ صلى الله عليه وسلم، أو الكتاب، إن كان بمعنى انمحى. و (درسن) بنون الإناث مخففا ومشددا. وقرئ (دارسات) بمعنى قديمات، أو بمعنى ذات درس أو دروس، ك عِيشَةٍ راضِيَةٍ [الحاقة: ٢١] .
وارتفاعه على أنه خبر مبتدأ محذوف. أي: هي دارسات.
وَلِنُبَيِّنَهُ أي: القرآن، وإن لم يجر له ذكر، لكونه معلوما. أو الآيات، لأنها في معنى القرآن.