وقال الناصر: فائدة. ذكر العلم ها هنا، وإن كان سابقا على وجود المعلوم هو التنبيه بالسبب على المسبب. وهو الجزاء كأنه قال تعالى:(ليعلمنهم فليجازينهم بحسب علمه فيهم) .
وقال المهايمي: فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ أي يظهر علمه عند خلقه بصدق إيمان الَّذِينَ صَدَقُوا فيه، بدلالة ثباتهم عليه عند المصائب وَلَيَعْلَمَنَّ أي وليظهر علمه بكذب دعوى الْكاذِبِينَ لئلا يشهدوا عنده بإيمان الكاذبين، فينسب في تعذيبهم إلى الظلم. وليثق المؤمنون بمحبة الصادقين، ويستظهروا بها، ويحذروا عن مكر الكاذبين. انتهى.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة العنكبوت (٢٩) : الآيات ٤ الى ٧]
أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا أي يفوتونا، فلا نقدر على مجازاتهم بمساوئ أعمالهم ساءَ ما يَحْكُمُونَ أي بئس الذي يحكمونه حكمهم مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللَّهِ أي في الجنة من رؤيته، والفوز بكرامته فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ وهو الموت لَآتٍ أي فليبادر ما يصدق رجاءه ويحقق أمله من الثبات والتواصي بالحق والصبر والرغبة فيما عنده تعالى. أو المعنى: من كان يرجو لقاء الله، من كل من صدق في إيمانه، وأخلص في يقينه، فاعلم أن أجل الله لآت. وهو الوقت الذي جعله أجلا وغاية لظهور النصر والفتح وعلوّ الحق وزهوق الباطل. أي فلا يستبطئنّه.
فإنه آت بوعد الله الحق وقوله الصدق. ولم أر من ذكره ولعله أنسب بقرينة السياق والسباق. والله أعلم وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ أي السميع لأقوالهم العليم بضمائرهم وأحوالهم وَمَنْ جاهَدَ أي في الصبر على البلاء والثبات على الحق مع ضروب الإيذاء فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ أي لأنه يمهد لنفسه، ما يجني به ثمرة غرسه إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ أي أحسن جزاء أعمالهم.