للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السادسة- روى ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله وَمَنْ بَلَغَ: من بلغه القرآن، فكأنما رأى النبيّ صلى الله عليه وسلم وكلمه. ورواه ابن جرير «١» عنه بلفظ: من بلغه القرآن فقد أبلغه محمد صلى الله عليه وسلم.

وروى «٢» عبد الرزاق عن قتادة في هذه الآية: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بلغوا عن الله، فمن بلغته آية من كتاب الله، فقد بلغه أمر الله.

وقال الربيع بن أنس: حقّ على من اتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يدعو كالذي دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن ينذر بالذي أنذر.

السابعة- دلّ قوله تعالى: قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وقوله وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ على إثبات التوحيد بأعظم طرق البيان، وأبلغ وجوه التأكيد، لأن (إنما) تفيد الحصر، و (الواحد) صريح في نفي الشركاء. ثم صرّح بالبراءة عن إثبات الشركاء. وقد استحب الشافعيّ لمن أسلم بعد إتيانه بالشهادتين، أن يتبرأ من كل دين سوى دين الإسلام، لقوله وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ عقب التصريح بالتوحيد.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنعام (٦) : آية ٢٠]]

الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٢٠)

وقوله تعالى: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يعني: اليهود والنصارى يَعْرِفُونَهُ أي: يعرفون رسول الله صلى الله عليه وسلم بحليته ونعته الثابت في الكتابين كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ بحلاهم ونعوتهم، لا يخفون عليهم، ولا يلتبسون بغيرهم.

قال المهايمي: لأنه صلى الله عليه وسلم ذكر في الكتاب نعته. وهو، وإن لم يفد تعيّنه باللون والشكل والزمان والمكان، تعيّن بقرائن المعجزات. فبقاء الاحتمال البعيد فيه، كبقائه في الولد، بأنه يمكن أن يكون غير ما ولدته امرأته، أو يكون من الفجور، مع دلالة القرائن على براءتها من التزوير والفجور. فهو، كما يعرفون أبناءهم في ارتفاع الاحتمال البعيد بالقرائن على براءتها.

قال الزمخشري: وهذا استشهاد لأهل مكة بمعرفة أهل الكتاب، وبصحة نبوّته.


(١) الأثر رقم ١٣١٢٤ من التفسير.
(٢) الأثر رقم ١٣١١٩ من تفسير ابن جرير. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>