إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أي: يفنكم ويستأصلكم بالمرّة أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ أي: ويوجد، دفعة مكانكم، قوما آخرين من البشر. أو خلقا آخرين مكان الإنس يعني أن إبقاءكم على ما أنتم عليه من العصيان إنما هو لكمال غناه عن طاعتكم، ولعدم تعلق مشيئته المبنيّة على الحكم بالبالغة بإفنائكم. لا لعجزه سبحانه وتعالى عن ذلك علوّا كبيرا وَكانَ اللَّهُ عَلى ذلِكَ أي: إهلاككم بالمرة وتخليق غيركم قَدِيراً بليغ القدرة، كما قال تعالى وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ [محمد صلى الله عليه وسلم: ٣٨] . وقال تعالى: إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وَما ذلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ [إبراهيم: ١٩] . ففيه تقرير لغناه وقدرته، وتهديد لمن كفر به. قال بعض السلف، ما أهون العباد على الله إذا أضاعوا أمره!
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (٤) : آية ١٣٤]]
قال بعضهم: عني بالآية مشركو العرب. فإنهم كانوا يقرون بالله تعالى، خالقهم، ولا يقرون بالبعث يوم القيامة. وكانوا يتقربون إلى الله تعالى ليعطيهم من خير الدنيا ويصرف عنهم شرها وَكانَ اللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً فلا يخفى عليه خافية. ويجازي كلّا بحسب قصده.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (٤) : آية ١٣٥]]