قُلْ صَدَقَ اللَّهُ تعريض بكذبهم، أي ثبت أن الله صادق فيما أنزل وأنتم الكاذبون فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ أي ملة الإسلام التي عليها محمد صلى الله عليه وسلم. ومن آمن معه والتي هي في الأصل ملة إبراهيم عليه السلام حتى تتخلصوا من اليهودية التي ورطتكم في فساد دينكم ودنياكم حيث اضطرتكم إلى تحريف كتاب الله لتسوية أغراضكم وألزمتكم تحريم الطيبات التي أحلها الله لإبراهيم ولمن تبعه حَنِيفاً أي مائلا عن الأديان الزائغة وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ تعريض بما في اليهودية والنصرانية من شرك إثبات الولد أو إلهية عيسى، فكيف يزعمون أنهم على ملته، وما كان يدعو إلا إلى التوحيد والبراءة عن كل معبود سوى الله تعالى وهو الذي بعث به محمد صلى الله عليه وسلم.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة آل عمران (٣) : آية ٩٦]]
إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ أي لنسكهم وعباداتهم لَلَّذِي بِبَكَّةَ أي للبيت الذي ببكة، أي فيها. وفي ترك الموصوف من التفخيم ما لا يخفى. وبكة لغة في مكة، فإن العرب تعاقب بين الباء والميم كما في قولهم (ضربة لازب ولازم) و (النميط والنبّيط) في اسم موضع بالدهناء، وقولهم (أمر راتب وراتم) و (أغبطت الحمى وأغمطت) . وقيل: مكة البلد، وبكة موضع المسجد، سميت بذلك لدقها أعناق الجبابرة، فلم يقصدها جبار إلا قصمه الله تعالى، أو لازدحام الناس بها من (بكّه) إذا فرقه ووضعه وإذا زاحمه، كما أن مكة من (مكّه) أهلكه ونقصه.