للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ أي: بيّنه ووضحه.

قال بعض المفسرين: يعني في آية المائدة في قوله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ [المائدة: ٣] الآية. وردّ بأن المائدة من آخر ما نزل بالمدينة، والأنعام مكية. فالصواب أن التفصيل إمّا في قوله تعالى بعد هذه الآية قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً [الأنعام: ١٤٥] الآية. فإنه ذكر بعد بيسير، وهذا القدر من التأخر لا يمنع أن يكون هو المراد، وإما على لسان الرسول، ثم أنزل بعد ذلك في القرآن. و (فصل) و (حرم) قرئ كل منهما معلوما ومجهولا. ومعنى الآية: لا مانع لكم من أكل ما ذكر، وقد بين لكم المحرم أكله، وهذا ليس منه.

إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ أي: مما حرم عليكم. أي: إلا أن تدعوكم الضرورة إلى أكله بسبب شدة المجاعة، فيباح لكم.

وَإِنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّونَ قرئ بفتح الياء وضمها بِأَهْوائِهِمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أي:

يضلون فيحرّمون ويحللون بأهوائهم وشهواتهم، من غير تعلق بشريعة.

إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُعْتَدِينَ أي المتجاوزين لحدود الحق إلى الباطل، والحلال إلى الحرام.

[تنبيه:]

قال الرازي: دلت هذه الآية على أن القول في الدين بمجرد التقليد حرام، لأن القول بالتقليد قول بمحض الهوى والشهوة، والآية دلت على أن ذلك حرام. انتهى.

وقال بعض الزيدية: في الآية دلالة على تحريم الفتوى والحكم بغير دلالة، ولكن اتباع الهوى.

ولما بين تعالى أنه فصل المحرمات، أتبعه بما يوجب تركها بالكلية، فقال سبحانه:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنعام (٦) : آية ١٢٠]]

وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِما كانُوا يَقْتَرِفُونَ (١٢٠)

وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ أي: سيئات الأعمال والأقوال الظاهرة على الجوارح وَباطِنَهُ أي: ما يسرّ منه بالقلب كالعقائد الفاسدة، والعزائم الباطلة. أو ما يعلن

<<  <  ج: ص:  >  >>