عمر: كنا نتوسل إليك بنبينا. فلفظ (التوجه) و (التوسل) في الحديثين بمعنى واحد. ثم
قال (يا محمد! يا رسول الله! إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي ليقضيها. اللهم! فشفعه فيّ)
فطلب من الله أن يشفّع فيه نبيّه.
وقوله (يا محمد! يا نبيّ الله!)
هذا وأمثاله نداء، يطلب به استحضار المنادى في القلب. فيخاطب المشهود بالقلب. كما يقول المصلّي: السلام عليك أيها النبيّ ورحمة الله وبركاته.
والإنسان يفعل مثل هذا كثيرا. يخاطب من يتصوّره في نفسه. وإن لم يكن في الخارج من يسمع الخطاب. فلفظ التوسل بالشخص والتوجه به والسؤال به، فيه إجمال واشتراك. غلط تسببه من لم يفهم مقصد الصحابة، يراد به التشبث به (في الأصل التسبب به) لكونه داعيا وشافعا مثلا. أو لكون الداعي محبّبا له، مطيعا لأمره، مقتديا به. فيكون التسبب إما بمحبة السائل له واتباعه له، وإما بدعاء الوسيلة وشفاعته، ويراد به الإقسام به والتوسل بذاته. فلا يكون التوسل، لا شيء منه ولا شيء من السائل، بل بذاته أو بمجرد الإقسام به على الله. فهذا الثاني هو الذي كرهوه ونهوا عنه. انتهى.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٧٠]]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (٧٠)
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ أي في كل ما تأتون وما تذرون. لا سيما في ارتكاب ما يكرهه، فضلا عما يؤذي رسوله صلّى الله عليه وسلّم وَقُولُوا أي في كل شأن من الشؤون قَوْلًا سَدِيداً أي قويما حقا صوابا. قال القاشانيّ: (السداد) في القول، الذي هو الصدق والصواب، هو مادة كل سعادة، وأصل كل كمال. لأنه من صفاء القلب وصفاؤه يستدعي جميع الكمالات. وهو وإن كان داخلا في التقوى المأمور بها، لأنه اجتناب من رذيلة الكذب، مندرج تحت التزكية التي عبر عنها بالتقوى.
لكنه أفرد بالذكر للفضيلة. كأنه جنس برأسه. كما خص جبريل وميكائيل من الملائكة.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٧١]]
يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً (٧١)
يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ أي بإمداد الصلاح والكمالات والفضائل عليكم. لأنه