يعني مضطهديهم وظالميهم. وقد روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كان إذا أعطى الرجل من المهاجرين عطاءه، يقول: خذ بارك الله لك فيه. هذا ما وعدك الله في الدنيا. وما ادخر لك في الآخرة أفضل. ثم وصفهم تعالى بقوله:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النحل (١٦) : الآيات ٤٢ الى ٤٤]
الَّذِينَ صَبَرُوا أي على ما أوذوا في سبيل الله وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ أي فلا يخشون أحدا غيره. والوصفان المذكوران: الصبر والتوكل، من أمهات الصفات التي يجب على الداعي إلى الحق، والمدافع عنه، أن يكونا خلقا له. إذ لا ظفر بغاية إلا بهما. ولما عجبوا من إيحاء الله لرسوله، واصطفائه برسالته، قيل في درء شبهتهم وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ يعني أهل الكتاب أو علماء الأخبار. ليعلموكم أنه لم يرسل للدعوة العامة ملك من أهل السماء. فالذكر، إما بمعنى الكتاب لما فيه من الذكر والعظة، كقوله إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ [يس: ٦٩] ، أو بمعنى الحفظ لأخبار الأمم السالفة. وفي الآية دليل على وجوب الرجوع إلى العلماء فيما لا يعلم. واستدل بها بعضهم على جواز التقليد في الفروع للعاميّ. وفي ذلك بحث طويل في (إيقاظ الهمم) للفلّاني فارجع إليه إن شئت. وأشار إلى طرف منه في (فتح البيان) .
وقوله تعالى: بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ أي بالآيات المبرهنة على صدقهم والكتب المرشدة إلى مصالح الخلق. والجارّ متعلق بمقدر يدل عليه ما قبله، أي أرسلناهم. أو ب (ما أرسلنا) . أو ب (نوحي) أو ب (لا تعلمون) ، على أن الشرط للتبكيت والإلزام وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ أي القرآن المذكّر والموقظ من سنة الغفلة لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ أي مما أمروا ونهوا ووعدوا وأوعدوا وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ أي ينظرون لأنفسهم فيهتدون فيفوزون بالنجاة في الدارين. أو يتأملون ما فيه من العبر فيحترزون عما أصاب الأولين. ولذا تأثره بقوله: