للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما

قال صلوات الله عليه «١» : جف القلب بما هو كائن إلى يوم القيامة

. انتهى.

الرابع- روى ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله تعالى: وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها قال: ما من شجرة في بر ولا بحر، إلا ملك موكل بها، يكتب ما يسقط منها.

وأخرج أيضا عن عبد الله بن الحارث قال: ما في الأرض من شجرة، ولا كمغرز إبرة، إلا عليها ملك موكل يأتي الله بعلمها. يبسها إذا يبست ورطوبتها إذا رطبت.

وكذا رواه ابن جرير «٢» .

وروى ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: خلق الله النون وهي الدواة، وخلق الألواح، فكتب فيها أمر الدنيا حتى تنقضي، ما كان من خلق مخلوق، أو رزق حلال أو حرام، أو عمل بر أو فجور، وقرأ هذه الآية: وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ..

إلى آخر الآية.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنعام (٦) : آية ٦٠]]

وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٦٠)

وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ أي: ينيمكم فيه. استعير (التوفي) من الموت للنوم، لما بينهما من المشاركة في زوال الإحساس والتمييز، فإن أصله قبض الشيء بتمامه.

وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ أي فيه: وتخصيص الليل بالنوم، والنهار بالكسب، جريا على المعتاد، ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ أي: يوقظكم. أطلق البعث ترشيحا للتوفي فِيهِ أي: في النهار لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى

أي ليتم مقدار حياة كل أحد.

ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ أي: رجوعكم بالبعث بعد الموت، ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أي: في ليلكم ونهاركم، بالمجازاة عليه، مبالغة في عدله.


(١)
أخرجه الإمام أحمد في المسند ٢/ ١٩٧ والحديث رقم ٦٨٥٤ ونصه: عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «إن الله خلق خلقه، ثم جعله في ظلمة، ثم أخذ من نوره ما شاء ثم ألقاه عليهم، فأصاب النور من شاء أن يصيبه، وأخطأ من شاء. فمن أصابه النور يومئذ فقد اهتدى، ومن أخطأ يومئذ ضل. فلذلك قلت: جفّ القلم بما هو كائن»
. (٢) الأثر رقم ١٣٣٠٨ من التفسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>