للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ [آل عمران: ٩٣] . وقد أسلفنا تتمة هذا البحث في مقدمة التفسير في الكلام على الإسرائيليات. فارجع إليه.

ثم أخبر تعالى، عن تخلق أولئك المأيوس من إيمانهم من اليهود بأخلاق المنافقين وسلوكهم منهاجهم، بقوله تعالى:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (٢) : آية ٧٦]]

وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلا بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ قالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ (٧٦)

وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا أي بالله ورسوله من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم قالُوا آمَنَّا أي بأنكم على الحق، وأن محمدا هو الرسول المبشر به، وكأنهم يقولون ذلك إرضاء لحلفائهم من الأوس والخزرج، أو جهرا بحقيقة لا يسعهم، أمام حلفائهم، السكوت عنها. وَإِذا خَلا بَعْضُهُمْ يعني الذين لم ينافقوا إِلى بَعْضٍ أي الذين نافقوا قالُوا أي عاتبين عليهم أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ أي بما بيّن لكم في التوراة من البشارة بالنبيّ صلّى الله عليه وسلّم، والإيمان بالنبيّ الذي يجيئكم مصدقا لما معكم، ونصره.

قال ابن إسحاق: أي أتقرّون بأنه نبيّ، وقد علمتم أنه أخذ له الميثاق عليكم باتّباعه، وهو يخبرهم أنه النبيّ الذي نجده في كتابنا، اجحدوه ولا تقرّوا به.

قال ابن جرير: أصل الفتح في كلام العرب القضاء والحكم. والمعنى:

أتحدثونهم بما حكم الله به عليكم وقضاه فيكم؟ ومن حكمه تعالى وقضائه فيهم، ما أخذ به ميثاقهم من الإيمان بمحمد صلّى الله عليه وسلّم وبما جاء به في التوراة.

لِيُحَاجُّوكُمْ متعلقة بالتحديث، دون الفتح، أي ليقيم المؤمنون به عليكم الحجة بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أي لتكون الحجة للمؤمنين عليكم في الآخرة، فيقولون: ألم تحدثونا بما في كتابكم، في الدنيا، من حقيّة ديننا، وصدق نبينا؟ فيكون ذلك زائدا في ظهور فضيحتكم، وتوبيخكم على رؤوس الخلائق، في الموقف. لأنه ليس من اعترف بالحق، ثم كتم، كمن ثبت على الإنكار.


فأتوا بالتوراة فنشروها. فوضع أحدهم يده على آية الرجم. فقرأ ما قبلها وما بعدها. فقال له عبد الله ابن سلام: ارفع يدك. فرفع يده فإذا فيها آية الرجم. فقالوا: صدق، يا محمد، فيها آية الرجم. فأمر بهما رسول الله صلّى الله عليه وسلم فرجما. قال عبد الله: فرأيت الرجل يجنأ على المرأة يقيها الحجارة
.

<<  <  ج: ص:  >  >>