للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العبد، أمر الله ملك الموت بقبض روحه، ولملك الموت أعوان من الملائكة، يأمرهم بنزع روح ذلك العبد من جسده. فإذا وصلت إلى الحلقوم، تولى قبضها ملك الموت نفسه، فحصل الجمع.

قال مجاهد: جعلت الأرض لملك الموت، مثل الطشت، يتناول من حيث شاء. وجعلت له أعوان ينزعون الأنفس ثم يقبضها منهم. انتهى.

ثم أمر تعالى أن يبكّت المشركون بانحطاط شركائهم عما زعموا لها، بأنهم يخصون الحق تعالى بالالتجاء إليه عند الشدائد بقوله:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنعام (٦) : آية ٦٣]]

قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجانا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٦٣)

قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ أي: شدائده، كخوف العدوّ، وضلال الطريق، وَالْبَحْرِ كخوف الغرق، والضلال، وسكون الريح. استعيرت الظلمة للشدة، لمشاركتهما في الهول، وإبطال الأبصار، ودهش العقول. يقال لليوم الشديد: يوم مظلم، ويوم ذو كواكب. أي: اشتدت ظلمته حتى عاد كالليل، وظهرت الكواكب فيه.

تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً أي: تذللا إليه، تحقيقا للعبودية، وَخُفْيَةً بضم الخاء، وقرئ بكسرها. أي: سرّا، تحقيقا للإخلاص. لَئِنْ أَنْجانا حال من الفاعل بتقدير القول. أي: قائلين، وعدا بالشكر، لئن أنجيتنا مِنْ هذِهِ أي: الشدة المعبر عنها بالظلمات، لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ أي: لك، باعتقاد أنك المخصوص بالثناء الجميل.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنعام (٦) : آية ٦٤]]

قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ (٦٤)

ثم أمره تعالى بالجواب تنبيها على ظهوره وتعينه عندهم، أو إهانة لهم إذ لا يلتفتون لخطابه بقوله: قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ أي: من غير شفاعة أحد ولا عون، ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ أي: ثم أنتم بعد ما تشاهدون من النجاة عنها، الموعود فيها بالشكر وعدا وثيقا بالقسم، تشركون، بعبادته والثناء عليه، غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>