سعيد بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الميت تحضره الملائكة، فإذا كان الرجل الصالح، قالوا: اخرجي أيتها النفس الطيبة، كانت في الجسد الطيب، اخرجي حميدة وأبشري بروح وريحان، ورب غير غضبان. فلا يزال يقال ذلك، حتى تخرج. ثم يعرج بها إلى السماء، فيستفتح لها، فيقال: من هذا؟
فيقال: فلان. فيقولون، مرحبا بالنفس الطيبة، كانت في الجسد الطيب، ادخلي حميدة، وأبشري بروح وريحان، ورب غير غضبان، فلا زال يقال لها حتى ينتهى بها إلى السماء التي فيها الله عز وجل. وإذا كان الرجل السوء، قالوا: اخرجي أيتها النفس الخبيثة، كانت في الجسد الخبيث، اخرجي ذميمة، وأبشري بحميم وغساق، وآخر من شكله أزواج. فلا يزال حتى تخرج، ثم يعرج بها إلى السماء، فيستفتح لها، فيقال: من هذا؟ فيقال: فلان! فيقال: لا مرحبا بالنفس الخبيثة، كانت في الجسد الخبيث. ارجعي ذميمة، فإنه لا يفتح لك أبواب السماء، فترسل من السماء، ثم تصير إلى القبر.
فيجلس الرجل الصالح، فيقال له مثل ما قيل في الحديث الأول، ويجلس الرجل السوء» ، فيقال له مثل ما قيل في الحديث الأول. قال الحافظ ابن كثير: هذا حديث غريب.
الثانية- قال بعض أهل الكلام: إن لكل حاسة من هذه الحواس روحا تقيض عند النوم، ثم ترد إليها إذا ذهب النوم. فأما الروح التي تحيا بها النفس، فإنها لا تقبض إلا عند انقضاء الأجل. والمراد بالأرواح، المعاني والقوى التي تقوم بالحواس، ويكون بها السمع والبصر، والأخذ والمشيء والشم، ومعني (ثم يعثكم فيه) أي:
يوقظكم، ويرد إليكم أرواح الحواس، فيستدل به على منكري البعث، لأنه بالنوم يذهب أرواح هذه الحواس، ثم يردها إليها. فكذا يحيى الأنفس بعد موتها- نقله النسفيّ-.
الثالثة- قال الخازن: فإن قلت: قال الله تعالى في آية: اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها [الزمر: ٤٢] . وقال في آية أخرى: قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ [السجدة: ١١] . وقال هنا: تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا، فكيف الجمع بين هذه الآيات؟.
قلت: وجه الجمع أن المتوفي في الحقيقة هو الله تعالى. فإذا حضر أجل