[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يوسف (١٢) : آية ١٣]]
قالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ (١٣)
قالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ يعني:
وإن زعمتم أنكم له حافظون، فحفظكم إنما يكون ما دمتم ناظرين إليه، لكن لا يخلو الإنسان عن الغفلة، فأخاف غفلتكم عنه.
قال الزمخشري: اعتذر إليهم بشيئين.
أحدهما: أن ذهابهم به، ومفارقته إياه، مما يحزنه لأنه كان لا يصبر عنه ساعة.
والثاني: خوفه عليه من عدوة الذئب إذا غفلوا عنه، برعيهم ولعبهم، أو قلّ به اهتمامهم، ولم تصدق بحفظه عنايتهم.
قال الناصر: وكان أشغل الأمرين لقلبه خوف الذئب عليه، لأنه مظنة هلاكه.
وأما حزنه لمفارقته ريثما يرتع ويلعب ويعود سالما إليه عما قليل، فأمر سهل.
فكأنهم لم يشتغلوا إلا بتأمينه وتطمينه من أشد الأمرين عليه. انتهى- أي فيما حكي عنهم بقوله:
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يوسف (١٢) : آية ١٤]]
قالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذاً لَخاسِرُونَ (١٤)
قالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ أي جماعة أقوياء، يمكننا أن ننزعه من يد الذئب إِنَّا إِذاً لَخاسِرُونَ أي هالكون ضعفا وجبنا. أو عاجزون، أو مستحقون لأن يدعى عليهم بالخسارة والدمار.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يوسف (١٢) : آية ١٥]]
فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (١٥)
فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ أي بعد مراجعة أبيهم في شأنه وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ فيه تعظيم لما أزمعوا، إذ أخذوه ليكرموه، ويدخلوا السرور على أبيه، ومكروا ما مكروا. وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا أي أعلمناه بإلقاء في روعه، أو