أحدها- أن جبريل عليه السلام ليس بمشهور باسم الرسول. ولم يجر له فيما تقدم ذكر، حتى تجعل لام التعريف إشارة إليه. فإطلاق لفظ (الرسول) لإرادة جبريل عليه السلام، كأنه تكليف بعلم الغيب.
وثانيها- أنه لا بد فيه من الإضمار. وهو قبضة من أثر حافر فرس الرسول.
والإضمار خلاف الأصل.
وثالثها- أنه لا بد من التعسف في بيان أن السامري كيف اختص من بين جميع الناس برؤية جبريل عليه السلام ومعرفته؟ ثم كيف عرف أن لتراب حافر فرسه هذا الأثر؟ والذي ذكروه من أن جبريل عليه السلام هو الذي رباه، فبعيد. لأن السامري، إن عرف جبريل حال كمال عقله، عرف قطعا أن موسى عليه السلام نبيّ صادق. فكيف يحاول الإضلال؟ وإن كان ما عرفه حال البلوغ، فأيّ منفعة لكون جبريل عليه السلام مربيا له حال الطفولية، في حصول تلك المعرفة؟ انتهى.
التنبيه الثالث في قوله لا مِساسَ وجوه:
أحدها- إني لا أمسّ ولا أمسّ.
وثانيها- المراد المنع من أن يخالط أحدا أو يخالطه أحد، عقوبة له.
ثالثها- ما ذكره أبو مسلم من أنه يجوز في حمله (ما أريد مسي النساء) فيكون من تعذيب الله إياه انقطاع نسله. فلا يكون له ولد يؤنسه، فيخليه الله تعالى من زينتي الدنيا اللتين ذكرهما بقوله: الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا [الكهف: ٤٦] ، أي لأن المسّ يكنى به عن النكاح كما في آية مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ [البقرة: ٢٣٧] ، والله أعلم.
ولما فرغ موسى عليه السلام من إبطال ما دعا إليه السامري، عاد إلى بيان الدين الحق، فقال:
إِنَّما إِلهُكُمُ أي المستحق للعبادة والتعظيم اللَّهُ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أي أحاط علمه كل شيء. ثم أشار تعالى إلى فضله، فيما قصه على خاتم رسله صلوات الله عليه، من أنباء الأنبياء، تنويها بشأنه، وزيادة في معجزاته، وتكثيرا للاعتبار والاستبصار في آياته، بقوله سبحانه: