فيه لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ يعني أرض فلسطين بيت المقدس التي بارك الله حولها. والإفساد بالكفر والمعاصي.
قال السمين: في تعدية (قضينا) ب (إلى) تضمينه معنى أنفذنا. أي أنفذنا إليهم بالقضاء المحتوم. ومتعلق القضاء محذوف. أي بفسادهم. وقوله: لَتُفْسِدُنَّ جواب قسم محذوف مؤكد لمعنى القضاء، أو جواب لقوله: وَقَضَيْنا لأنه ضمن معنى القسم. ومنه قولهم (قضاء الله لأفعلن كذا) فيجرون القضاء والقدر مجرى القسم، فيتلقيان بما يتلقى به القسم. و (مرتين) أي إفسادتين. منصوب على أنه مصدر (لتفسدن) من غير لفظه. وعدل عنه، لأن تثنية المصدر وجمعه ليس بمطرد: وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً أي ولتستكبرن وتتعظمنّ عن طاعة الله تعالى، أو لتظلمن الناس فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما أي موعود أولى المرتين، أي وما وعدوا به في المرة الأولى، يعني وعد المؤاخذة على أولى المفسدتين: بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ أي ذوي قوة وبطش في الحرب، شديد فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ ترددوا خلال أماكنكم ومحالكم للقتل والسبي والنهب وَكانَ وَعْداً مَفْعُولًا أي مقضيّا لا صارف له.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٦ الى ٨]
ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ أي بعد هذه المؤاخذة الشديدة، رددنا، عند توبتكم، لكم الغلبة التي كانت لكم في الأصل، عليهم: وَأَمْدَدْناكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْناكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً أي قوما ورهطا. جمع (نفر) أو اسم جمع له. وأصله من ينفر مع الرجل من قومه. وقوله تعالى: إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها بمثابة التعليل لما قبله. أي فعلنا ذلك لتعلموا أنكم إن أحسنتم توبتكم وأعمالكم، أحسنتم لأنفسكم، بإبقاء الغلبة لها والإمداد بالأموال والبنين وتكثير النفير وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها أي فإساءتكم ضارة لها بغلبة الأعداء وسلب الأموال والبنين والنفير