للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إما لله، والمراد باليوم وقت الموت، أو للبخل والمراد يوم القيامة والمضاف محذوف، وهو الجزاء. انتهى.

واللقاء إذا أضيف إلى الكفار كان لقاء مناسبا لحالهم من وقوفهم للحساب مع حجبهم عنه تعالى، لأنهم ليسوا أهلا لرؤيته، تقدس اسمه. وإذا أضيف إلى المؤمنين، كما في قوله تعالى: تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ [الأحزاب: ٤٤] ، كان لقيا مناسبا لمقامهم من رؤيته تعالى. وذلك لما أفصحت عنه آيات أخر من حال الفريقين، مما يتنزل مثل ذلك عليها. فمن وقف في بعض الآيات على لفظة، وأخذ يستنبط منها، ولم يراع من استعملت فيه، وأطلقت عليه، كان ذلك جمودا وتعصبا، لا أخذا بيد الحق. نقول ذلك ردّا لقول الجبائي: إن اللقاء في هذه الآية لا يفيد رؤيته تعالى، للإجماع على أن الكفار لا يرونه تعالى، فلا يفيدها أيضا في قوله تعالى:

تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ. وللرازي معه مناقشة من طريق أخرى. وما ذكرناه أمتن. والله أعلم.

السابع- قال الرازي: (السر) ما ينطوي عليه صدورهم، و (النجوى) ما يفاوض فيه بعضهم بعضا فيما بينهم، وهو مأخوذ من النجو، وهو الكلام الخفي، كأن المتناجيين منعا إدخال غيرهما معهما، وتباعدا من غيرهما.

ثم بين تعالى من مساوئ المنافقين نوعا آخر، وهو لمزهم المتصدقين بقوله سبحانه:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة التوبة (٩) : آية ٧٩]]

الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٧٩)

الَّذِينَ يَلْمِزُونَ أي يعيبون الْمُطَّوِّعِينَ أي المتبرعين مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ فيزعمون أنهم تصدقوا رياء وَالَّذِينَ أي ويلمزون الذين لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ أي لا يجدون ما يتصدقون به إلا قليلا، وهو مقدار طاقتهم فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ أي يهزئون بهم، ويقولون إن الله غنّي عن صدقتهم سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ أي جازاهم على سخرهم وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ روى البخاري «١» في صحيحه عن أبي


(١) أخرجه البخاري في: الزكاة، ١٠- باب اتقوا النار ولو بشق تمرة، الحديث رقم ٧٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>