للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النور (٢٤) : آية ٥٥]]

وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٥٥)

وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ أي يورثهم الأرض ويجعلهم فيها خلفاء متصرفين فيها تصرف الملوك في ممالكهم. أو خلفاء من الذين لم يكونوا على حالهم من الإيمان والأعمال الصالحة كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أي من الأمم المؤمنة برسلها. التي أهلك الله عدوّها، وأورثها أرضها وديارها. كما فعل ببني إسرائيل حين أورثهم فلسطين، بعد إهلاك الجبابرة وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ أي فليجعلن دينهم ثابتا مقررا، مرفوع اللواء، ظاهرا على غيره، قاهرا لمن ناوأه.

قال أبو السعود: وفي إضافة (الدين) إليهم. وهو دين الإسلام، ثم وصفه بارتضائه لهم، تأليف لقلوبهم ومزيد ترغيب فيه، وفضل تثبيت عليه وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ أي بعد هذا الوعد الكريم الموجب لتحصيل ما تضمنه من السعادتين فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ أي الكاملون في فسقهم. حيث كفروا تلك النعمة العظيمة. وجسروا على غمطها.

[تنبيه:]

في هذه الآية من الدلالة على صحة النبوة للإخبار بالغيب على ما هو عليه قبل وقوعه- ما لا يخفى. فقد أنجز الله وعده، وأظهرهم على جزيرة العرب، وافتتحوا بعد بلاد المشرق والمغرب. ومزقوا ملك الأكاسرة، وملكوا خزائنهم واستولوا على الدنيا، وصاروا إلى حال يخافهم كل من عداهم.

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النور (٢٤) : الآيات ٥٦ الى ٥٧]

وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٥٦) لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَلَبِئْسَ الْمَصِيرُ (٥٧)

وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ معطوف على (أطيعوا الله) وما اعترض بينهما

<<  <  ج: ص:  >  >>