للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دعاء منه وطلب، فلأن ينعم عليه بمثلها وهو طالب له وداع، أولى وأحرى. وتصديره بالقسم، لكمال الاعتناء بذلك. أفاده أبو السعود.

وقوله تعالى: مَرَّةً أُخْرى أي في وقت آخر.

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة طه (٢٠) : الآيات ٣٨ الى ٣٩]

إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ ما يُوحى (٣٨) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي (٣٩)

إِذْ أَوْحَيْنا أي ألقينا بطريق الإلهام إِلى أُمِّكَ ما يُوحى أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ أي الصندوق فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ أي البحر، متوكلة على خالقه فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي لدعواه الألوهية وَعَدُوٌّ لَهُ لدعوته إلى نبذ ما يدعيه.

قال الزمخشريّ: لما كانت مشيئة الله تعالى وإرادته- أن لا تخطئ جرية اليم، الوصول به إلى الساحل، وإلقاءه إليه- سلك في ذلك سبيل المجاز وجعل اليم كأنه ذو تمييز أمر بذلك، ليطيع الأمر ويمتثل رسمه. فقيل: فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ أي على سبيل الاستعارة بالكناية. بتشبيه اليم بمأمور منقاد. وإثبات الأمر تخييل، وقوله تعالى:

وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي أي: واقعة مني، زرعتها في قلب من يراك. ولذلك أحبك فرعون وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي أي ولتربّى بيد العدوّ على نظري بالحفظ والعناية.

ف (على عيني) استعارة تمثيلية للحفظ والصون، لأن المصون يجعل بمرأى. قيل:

و (على) بمعنى الباء لأنه بمعنى بمرأى مني، في الأصل.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة طه (٢٠) : آية ٤٠]]

إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْناكَ إِلى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْناكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلى قَدَرٍ يا مُوسى (٤٠)

إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى مَنْ يَكْفُلُهُ أي يضمن حضانته ورضاعته.

فقبلوا قولها. وذلك لأنه لما استقر عند آل فرعون، عرضوا عليه المراضع فأباها كما قال تعالى: وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ [القصص: ١٢] ، فجاءت أخته فقالت هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ ناصِحُونَ [القصص: ١٢] ،

<<  <  ج: ص:  >  >>