جميعهم محضرون للحساب والجزاء، وإنما أخبر عن (كل) بجميع ومعناهما واحد، لأن (كلا) تفيد الإحاطة حتى لا ينفلت عنهم أحد. و (جميع) تفيد الاجتماع، وهو فعيل بمعنى مفعول، وبينهما فرق. ومن ثم وقع أجمع في التوكيد تابعا ل (كل) ، لأنه أخص منه وأزيد معنى.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يس (٣٦) : الآيات ٣٣ الى ٣٥]
وَآيَةٌ لَهُمُ أي عبرة لأهل مكة عظيمة الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْناها أي بالنبات لتدل على إحياء الموتى وَأَخْرَجْنا مِنْها حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ وَجَعَلْنا فِيها جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ وَفَجَّرْنا فِيها مِنَ الْعُيُونِ لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أي وليأكلوا مما عملته أيديهم، وهو ما يتخذ منه كالعصير والدبس ونحوهما، على ما استظهره القاضي. وقال الزمخشريّ: أي عملته بالغرس والسقي والآبار، قيل وهذا التفسير خلاف الظاهر. أي لاحتياجه إلى تجوز. إلا أن فيه تذكيرا بلذة ثمرة العمل وسرور النفس بعده. وفي الحديث (أفضل الكسب بيع مبرور، وعمل الرجل بيده) رواه الإمام أحمد «١» عن أبي بردة. وجوّز أن تكون (ما) نافية، والمعنى: أن الثمر بخلق الله لا بفعلهم أَفَلا يَشْكُرُونَ أي خالق هذه النعم الجسام بعبادته وحده. وهو إنكار لعدم قيامهم بواجب الشكر.
سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها أي الأصناف كلها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ أي مما ذكر وغيره وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ يعني الذكر والأنثى وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ أي من الأصناف والأنواع الموجودة في البر والبحر. وقوله تعالى: