للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانت أحكام الفدية غير أحكام الطلاق، دلّ على أنها غير جنسه. فهذا مقتضى النصّ والقياس وأقوال الصحابة. انتهى.

هذه خلاصة الحجج في هذه الفروع المهمة معرفتها. ولا يعرف قدرها إلّا من صغى فهمه عن التعصبات. ومن نظر إلى ما عمت به البلوى- من التفرقة بين المرء وزوجه بمجرّد الانتحال للقيل والقال، وترك ما حققه بالدلائل الأئمة الأبطال- قضى العجب، وبالله التوفيق.

فَإِنْ طَلَّقَها- أي: الزوج الثاني- فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أي: على المرأة ومطلّقها الأول: - أَنْ يَتَراجَعا أي: إلى ما كانا فيه من النكاح بعقد جديد بعد عدّة طلاق الثاني- المعلومة مما تقدم من قوله: وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ.. الآية- إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ، أي: التي أوجب مراعاتها على الزوجين من الحقوق وَتِلْكَ أي: الأحكام المذكورة حُدُودَ اللَّهِ، أي: أحكامه المحميّة من التغيير والمخالفة يُبَيِّنُها لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ، أي: يكشف اللبس عنها لقوم فيهم نهضة وجدّ في الاجتهاد فيجددون النظر والتأمل بغاية الاجتهاد في كل وقت، فبذلك يعطيهم الله ملكة يميزون بها ما يلبس على غيرهم إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً [الأنفال: ٢٩] ، وَاتَّقُوا اللَّهَ، وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ [البقرة: ٢٨٢]- أفاده البقاعيّ.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (٢) : آية ٢٣١]]

وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلا تَتَّخِذُوا آياتِ اللَّهِ هُزُواً وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٣١)

وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ، أي: طلاقا رجعيا فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ، أي: قاربن انقضاء العدة فَأَمْسِكُوهُنَّ، أي: بالمراجعة إن أردتم بِمَعْرُوفٍ، من غير ضرار أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ، أي: بأن تتركوهن حتى تنقضي العدة فيملكن أنفسهن وَلا تُمْسِكُوهُنَّ، أي: بالرجعة ضِراراً، أي: مضارة بإزالة الألفة وإيقاع الوحشة وموجبات النفرة لِتَعْتَدُوا، اللام للعاقبة، أي: لتكون عاقبة أمركم الاعتداء أو للتعليل (متعلقة بالضرار) فيكون علة للعلّة، أي: لتظلموهن بالإلجاء إلى الافتداء وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ، أي: بتعريضها لسخط الله عليه ونفرة الناس منه

<<  <  ج: ص:  >  >>